____________________________________
من باب الورود لوجوه :
الوجه الأوّل : أنّ ذكر اليقين ـ في قوله : ولكن تنقضه بيقين آخر (١) ـ ليس من باب كونه صفة خاصّة ، بل من باب كونه من مصاديق الحجّة ، فهو بمنزلة أن يقال : انقضه بالحجّة ، وإنّما ذكر خصوص اليقين ، لكونه أعلى أفراد الحجّة ، لكون الحجّيّة ذاتيّة له وغير مجعولة.
فخصوصيّة اليقين ممّا لا دخل له في رفع اليد عن الحالة السابقة ، بل ترفع اليد عنها مع قيام الحجّة على الارتفاع بلا فرق بين اليقين وغيره من الأمارات المعتبرة ، فموضوع الاستصحاب هو الشكّ في البقاء مع عدم قيام الحجّة على الارتفاع أو البقاء ، فمع قيام الأمارة ينتفي موضوع الاستصحاب. والورود ليس إلّا انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه.
وفيه أنّ تصوّر هذا المعنى وإن كان صحيحا في مقام الثبوت ، إلّا أنّ مقام الإثبات لا يساعد عليه ، إذ ظاهر الدليل كون خصوص اليقين موجبا لرفع اليد عن الحالة السابقة وكون اليقين مأخوذا من باب الطريقيّة مسلّم ، إلّا أنّ ظاهر الدليل كون هذا الطريق الخاصّ ناقضا للحالة السابقة.
الوجه الثاني : أنّ المحرّم هو نقض اليقين استنادا إلى الشكّ على ما هو ظاهر قوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين بالشكّ (٢) ، ومع قيام الأمارة لا يكون النقض مستندا إلى الشكّ ، بل الأمارة ، فيخرج عن حرمة النقض خروجا موضوعيا وهو معنى الورود.
وفيه : أوّلا : أنّ دليل الاستصحاب لا يساعد على هذا المعنى ، إذ ليس المراد من قوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين بالشكّ حرمة نقض اليقين من جهة الشكّ واستنادا إليه ، بحيث لو كان رفع اليد عن الحالة السابقة بداع آخر ، كإجابة دعوة مؤمن مثلا لم يحرم النقض ، بل المراد حرمة نقض اليقين عند الشك بأيّ داع كان.
وثانيا : أنّ المراد من الشكّ خلاف اليقين ، كما ذكرناه سابقا واختاره صاحب الكفاية رحمهالله أيضا ، فيكون مفاد الرواية عدم جواز النقض بغير اليقين ووجوب النقض باليقين. والنتيجة.
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، والوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.
(٢) التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، والوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.