____________________________________
هذا كلّه في الاستصحاب الحكمي.
وأمّا الاستصحاب الموضوعي كاستصحاب عدم ذهاب الثلثين فيما شكّ فيه ، فأمره من حيث حكومته على البراءة أظهر ، حيث إنّ المجعول في الاستصحابات الموضوعيّة على ما أسمعناك مرارا وإن كان هو الحكم الشرعي أيضا ، إلّا إنّ المستصحب هو الموضوع الخارجي ، فالمشكوك ذهاب ثلثيه من العصير داخل بحكم الشارع فيما دلّ على حرمة العصير قبل ذهاب ثلثيه ، فيكون حاكما على أصالة البراءة المقتضية لحلّية المشكوك.
هذا ، ولكن قد يستشكل فيما ذكرنا من وضوح حكومة الاستصحاب الموضوعي على أصالة البراءة ، كما في الكتاب بالنظر إلى الأمثلة المذكورة في الموثقة كلّ شيء لك حلال حتى تعلم أنّه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب عليك ولعلّه سرقة (١) الحديث.
حيث إنّ ظاهرها كون الحلّية في الأمثلة المذكورة فيها مستندا إلى الكلّية المذكورة في صدرها مع أنّ فيها استصحابات موضوعيّة تقتضي حرمة التصرّف في الأمثلة ، كأصالة عدم التملّك وعدم تحقّق الزوجيّة ونحوهما ، فحكم الشارع بالحلّية مع جريان تلك الاصول يكشف عن حكومة البراءة على الاستصحاب ، ضرورة عدم إمكان رفع اليد عن الموارد الشخصيّة.
هذا ، ولكنّك خبير بفساد توهّم حكومة البراءة على الاستصحاب وجعل الموثّقة دليلا عليها من حيث استظهار كون المراد من الكلّية المستفادة من صدرها هو الحكم بحلّية جميع التصرّفات الموقوفة على الملك ، والزوجيّة ، والتذكية ، والرقيّة ، ونحوها في مرحلة الظاهر وإن كانت هناك اصول موضوعيّة تقتضي الحرمة نظير قوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) المقتضي لحلّية جميع التصرّفات في المبيع وإن كان هناك فرق بينهما من حيث كونه دليلا اجتهاديّا وكون مفاد الموثقة أصلا عمليا ، لأنّ البناء على هذا المعنى للموثّقة
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ / ٤٠. التهذيب ٧ : ٢٢٦ / ٩٨٩. الوسائل ١٧ : ٨٩ ، أبواب ما يكتسب به ، ب ٤ ، ح ٤.
(٢) البقرة : ٢٧٥.