____________________________________
البراءة ، كما أنّ لازمها الالتزام بعدم جريان البراءة في كلّ كلّي ورد النهي عن بعض أنواعه ضرورة عدم الفرق بين كون الاختلاف بحسب الزمان أو غيره من العوارض والخصوصيّات كما هو ظاهر ، هذا مضافا إلى أنّ اعتبار هذا المعنى بالنسبة إلى أخبار البراءة يوجب اعتباره بالنسبة إلى أخبار الاستصحاب ، فإنّ العصير العنبي بعد ذهاب ثلثيه بالهواء مثلا ممّا يتيقّن حلّيته ولو في زمان من الأزمنة ، فلا يجري استصحاب الحرمة لكونه مغيّا بعدم العلم بالحلّية ، فتدبّر.
وأمّا الوجه الثاني ، ففساده غني عن البيان ، ضرورة استحالة صيرورة الاستصحاب قرينة على المراد عن دليل المستصحب وكاشفا عنه بناء على القول به من باب الظنّ فضلا عن التعبّد الذي ليس من سنخ دليل المستصحب.
وأمّا الوجه الثالث ، فهو أيضا واضح الفساد ضرورة عدم كون النهي المستفاد من أخبار الاستصحاب نهيا عن الشيء بعنوانه الأوّلي ، وإلّا خرج عن كونه حكما ظاهريّا ، كما هو ظاهر.
وقد يتوهّم الوجه الثاني نظرا إلى إثباتهما الحكمين المتنافيين في الموضوع الواحد وهذا معنى التعارض ، كما هو ظاهر على ما سنقف عليه أيضا.
حيث إنّ قوله عليهالسلام : كلّ شيء مطلق مثلا من حيث عدم ورود النهي في العصير بعد ذهاب ثلثيه بغير النار مثلا يقتضي حلّيته ، وقوله عليهالسلام : لا تنقض اليقين ، إلّا بيقين مثله (١) من حيث عدم اليقين صيرورة العصير في الفرض حلالا يقتضي حرمته ، فلا محالة يقع التعارض بينهما ، لكنّه ضعيف أيضا وإن لم يكن في الضعف كالوجه الأوّل ، فإنّ الاستصحاب وإن لم يكن رافعا لموضوع البراءة في الفرض حسّا حتى يكون واردا عليها ، إلّا إنّه بمنزلة المعمّم للنهي الأوّل فيكون شارحا لقوله عليهالسلام : كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي ، فإنّ لسان الاستصحاب بقاء النهي المتعلّق بالعصير بعد الغليان من حيث هو في حكم الشارع ، وإن كان حكمه ببقائه ظاهريّا ، ومنه ينقدح وجه الوجه الثالث وكونه وجيها ،
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨ / ١١. الوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.