فإن قدّمنا قول المالك فالأقوى صحّة العقد في الشهر الأوّل. وكذا الإشكال في تقديم قول المستأجر لو ادّعى اجرة مدّة معلومة أو عوضا معيّنا. وأنكر المالك التعيين فيهما.
____________________________________
وقد استشهد المصنف قدسسره بقول العلّامة ، أعني : «ففي تقديم قول المستأجر نظر» ، على أنّ اللوازم غير الشرعيّة لا تثبت بأصالة الصحّة ، فلا بدّ حينئذ من بيان وجه النظر في كلام العلّامة ، كي يتّضح محل استشهاد المصنف قدسسره.
أمّا وجه النظر ، فهو أنّ أصالة الصحّة في المسألة المذكورة معارضة بأصالة عدم الإجارة سنة فتتساقطان ، فيرجع إلى أصالة الفساد ، ومن هنا يعلم عدم إثبات اللّازم العقلي بأصالة الصحّة ، إذ لو كانت أصالة الصحّة مفيدة لإثبات اللّازم العقلي الاتفاقي ، أعني : إجارة سنة بدينار ، لم يكن وجه لجريان أصالة عدم الإجارة سنة ، كي تعارض بأصالة الصحّة.
فيكون ما ذكره العلّامة من النظر في تقديم قول المستأجر شاهدا لما اختاره المصنف قدسسره من عدم إثبات اللوازم غير الشرعيّة بأصالة الصحّة.
ثمّ قال العلّامة : فإن قدّمنا قول المالك لكونه موافقا لأصالة الفساد بعد تساقط أصالتي الصحّة وعدم إجارة السنة ، فالأقوى صحّة العقد في الشهر الأول ، لأنّه المتّفق عليه بينهما.
وكذا الإشكال في تقديم قول المستأجر لو ادّعى اجرة مدّة معلومة.
أي : مثل الإشكال المتقدّم ـ في تقديم قول المستأجر لو اختلفا في المدّة والاجرة ـ آت فيما إذا اختلفا في تعيين المدّة أو الاجرة ، بأن ادّعى المستأجر اجرة معلومة كدينار مثلا ، أو عوضا معيّنا كثوب مخصوص مثلا ، وأنكر المؤجر التعيين في الاجرة أو في العوض ، بحيث لزم الغرر والجهالة.
وبعبارة اخرى أنّ المستأجر يدّعي تعيين المدّة مع اتفاقهما على الاجرة ، بأن قال : استأجرت الدار شهرا ، أو يدّعي تعيين العوض مع اتفاقهما على المدة ، بأن قال : استأجرت الدار بالدينار.
وأنكر المالك التعيين فيهما.
وجه الإشكال أنّه إذا ادّعى تعيين الشهر فهو مدّع لتعين الاجرة ، إلّا أنّ أصالة الصحّة تقتضي الصحّة من الجهة الاولى ولا تثبت الصحّة من الجهة الثانية ، فالأصل هو العدم.