إذا كان بواجب ، فلم قلتم انّ ذلك واجب فإنّه محل النزاع؟ واما تكميله بالمستحب فمستحب كما في وجل القلب.
قلت : الظاهر انّ فقد الكمال نقصان في حقيقة الايمان ، وخروج غير الوجل منه بدليل من خارج لا يقتضي اطراد التكميل في المندوبات.
الثالث : ما روي عن علي عليهالسلام انّه قال : « عزائم السجود أربع » وعدّها (١) والعزيمة ترادف الواجب ، ولانّه لو لا كونها مرادفة للواجب لم يكن في التخصيص بهذه الأربع فائدة ؛ لأنّ البواقي مستحبة.
وقد نبّه على ذلك ما رواه أبو بصير عن الصادق عليهالسلام : « إذا قرئ شيء من العزائم الأربع وسمعتها فاسجد (٢) وان كنت جنبا ، وان كانت المرأة لا تصلي. وسائر القرآن أنت فيه بالخيار إن شئت سجدت ، وان شئت لم تسجد » (٣).
وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « إذا قرأت شيئا من العزائم التي يسجد فيها ، فلا تكبّر قبل سجودك ولكن تكبّر حين ترفع رأسك ، والعزائم أربع : حم السجدة ، وتنزيل ، والنجم ، واقرأ باسم ربك » (٤).
الرابع : قوله تعالى ( وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ ) (٥) وهو ذم على ترك السجود فلا بد له من محمل ، ولا أصرح من هذه الأربع فتحمل عليها.
فان قلت : السجدة الثانية في الحج بصيغة الأمر ، فتكون واجبة لعين ما ذكرتم من الصراحة.
قلت : يأبى وجوبها الإجماع على نفيه ، فإنّ أبا حنيفة الذي يوجب
__________________
(١) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ٣٣٦ ح ٥٨٦٣ ، المصنف لابن أبي شيبة ٢ : ١٧ ، السنن الكبرى ٢ : ٣١٥.
(٢) في المصدرين زيادة : « وان كنت على غير وضوء ».
(٣) الكافي ٣ : ٣١٨ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ح ١١٧١ ، مضمرا عن أبي بصير.
(٤) الكافي ٣ : ٣١٧ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ح ١١٧٠.
(٥) سورة الانشقاق : ٢١.