ويرد عليه : انّ الانحراف اما الى القبلة فيجب ، واما عنها فيحرم ، فلا معنى للاستحباب.
ويجاب : بانّ الانحراف في القبلة ، وجاز ان تكون الجهة على ما مر ، واتساعها ظاهر فالميل الى اليسار تمكّن فيها ، أو اصابة ما يقرب إلى الكعبة من الجهات.
فرع :
إذا قلنا بهذا التياسر فليس بمقدّر ، بل مرجعه الى اجتهاد المصلّي ، ومن ثم جعلنا المسألة من مسائل الاجتهاد ، ولا ريب في اختلاف ذلك بحسب اختلاف بلدان المشرق ، ولعل البالغ في المشرق الى تخومه يسقط عنه هذا التياسر بل لا يجوز له ، للقطع بأنه يخرج عن العلامات المنصوبة لهم ، والخبران لا يدلان على غير أهل العراق ، لان المفضل كوفي وغالب الرواة عنهم عليهمالسلام عراقيون.
وللمحقق ـ رحمهالله ـ في هذا مسألة حسنة ، صدر إنشاؤها عن إيراد الإمام العلامة نصير الدين أبي جعفر محمد بن محمد بن الحسن الطوسي ـ رحمهالله ـ لما اجتمعا في بعض المجالس.
السادسة عشرة : لو اجتهد إلى جهة فصلّى ، ثم تبين الخطأ في الأثناء ، فإن حصل الصواب بعده بما لا يخرجه عن اسم المصلي بنى على ما سلف من اعتبار التيامن والتياسر وغيرهما ، وان كان لا يمكن تحصيله في ذلك الزمان فالأجود البطلان ، لامتناع الاستمرار على الخطأ ، وعدم علم الجهة وظنها.
ولو تحيّر الشامي أو اليمني فاجتهد وصلّى إلى جهة ، فانكشف الغيم فإذا كوكب في الأفق ، يقطع بأنه اما في المشرق أو في المغرب وهو بإزائه ، فإنه يتبيّن الخطأ قطعا ويحكم هنا ببطلان الصلاة في الحال ، فان رأى الكوكب ينحط علم به المغرب ، وان رآه يرتفع علم به المشرق ، وان أطبق الغيم في الحال فالتحيّر باق الا انّه في جهتين ، فان انكشف فيما بعد والا صلّى إليهما