وليس عليه اعتبار طول الصف أو قصره ، مع ان الجرم الصغير كلما ازداد القوم عنه بعدا ازدادوا له محاذاة.
وقد روى معاوية بن عمار عن الصادق عليهالسلام في الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انّه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا ، قال : « قد مضت صلاته ، وما بين المشرق والمغرب قبلة » (١).
وفي الفقيه عن زرارة عن الباقر عليهالسلام انّه قال : « لا صلاة الاّ الى القبلة ». قلت : واين حدّ القبلة؟ فقال : « ما بين المشرق والمغرب كله قبلة » (٢).
وهذا نص على الجهة.
فرع :
المراد بالجهة السمت الذي يظن كون الكعبة فيه لا مطلق الجهة كما قال بعض العامة : انّ الجنوب قبلة لأهل الشمال وبالعكس ، والمشرق قبلة لأهل المغرب وبالعكس (٣) لأنا نتيقن الخروج هنا عن القبلة ، وهو ممتنع. على انّ الخلاف هنا قليل الجدوى ، لأنّه ان أريد به قصد المصلّي فالواجب عليه التوجه وان لم يخطر قصد الجهة أو العين بباله ، وان أريد به تحقيق موقف المصلّي فلا يحصل بهذا الخلاف مغايرة فيه ، وان أريد به تحقيق التياسر الذي يأتي فسيأتي ما فيه.
الخامسة : العين انما تعتبر مع المشاهدة إذا كانت موجودة ، فلو زالت ـ والعياذ بالله ـ كفت جهتها أيضا ، وتعتبر حينئذ الجهة التي تشتمل على العين لا أزيد منها. فلو لم يبق لها رسم ، ولا من يعلم مقدارها ، فطريق الاحتياط لا يخفى.
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٧٩ ح ٨٤٦ ، التهذيب ٢ : ٤٨ ح ١٥٧ ، الاستبصار ١ : ٢٩٧ ح ١٠٩٥.
(٢) الفقيه ١ : ١٨٠ ح ٨٥٥.
(٣) قاله أبو حنيفة ، لاحظ : فتح العزيز ٣ : ٢٤٢.