الكعبة وبين المجتهدين ظاهر ، للقطع بان كل جهة قبلة هناك ، والقطع بخطإ واحد هنا ، وكذا نقول في صلاة الشدة ان كل جهة قبلة.
السابعة : لو صلّى جماعة في بيت مظلم بالاجتهاد ، ثم تبين لهم تخالفهم في الجهة ولم يعلموا الى أي جهة صلّى الامام ، رجّح الفاضل صحة صلاتهم ، لانّه لا يعلم الخطأ في فعل امامه (١).
والأقرب ان نقول : ان كانت تلك الصلاة مغنية عن القضاء كما لو كانت الجهات ليس فيها استدبارا ، أو قلنا : ان الاستدبار لا يوجب القضاء ، فصلاتهم صحيحة ، والتخالف هنا في جهة الإمام غير ضائر ، لأن غايته انّه صلّى خلف من صلاته غير صحيحة في نفس الأمر وهو لا يعلم بالفساد ، ولا يقدح ذلك في صحة صلاة المأموم وان وجب إعادة الصلاة ، اما أداء مع بقاء الوقت أو قضاء مع خروجه. وكل من تعين له موجب الاستدراك وجب عليه ، وكل من لم يتعين له لم يجب التدارك ، سواء كان ذلك لمصادفته القبلة ، أو التيامن والتياسر يسيرا ، أو لأنه لم يدر هل جهته صحيحة أو فاسدة.
ولو اتفق جهلهم أجمع بفساد الجهة فلا إعادة. ولو علموا انّ فيهم من تجب عليه الإعادة أو القضاء واشتبه ، فالأقرب : انه لا اعادة ولا قضاء ، لأصالة صحة صلاة كل واحد منهم وهو شاك في مفسدها ، كالواجدين منيا على ثوب مشترك. ويحتمل إعادتهم أجمع ، لتيقن الخروج عن العهدة.
الثامنة : لو اختلف الامام والمأموم في التيامن والتياسر ، فالأقرب : جواز الاقتداء ، لأنّ صلاة كل منهما صحيحة مغنية عن القضاء والاختلاف هنا يسير ، ولأنّ الواجب مع البعد الجهة وهي حاصلة هنا ، والتكليف بالعين مع البعد ضعيف.
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ١ : ١٠٢ ـ ١٠٣.