الفصل الثاني : في المستقبل.
وفيه مسائل.
الأولى : لا يجوز الاجتهاد للقادر على العلم ، لانّه عدول عن اليقين. ولا يجوز للقادر على الاجتهاد التقليد ، إذ الحجة أقوى من قول الغير ، ولرواية زرارة عن الباقر عليهالسلام : « يجزئ التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة » (١) والإجماع منعقد على انه يبني على غلبة ظنه ، قاله في التذكرة (٢).
وفي مضمر سماعة ـ بطريقين في التهذيب ـ : « اجتهد رأيك وتعمّد القبلة جهدك » (٣) وظاهر الشيخ فيه ان الاجتهاد لا يكون الا عند الضرورة (٤) ، وكأنّه يريد بها عند تعذّر الصلاة الى أربع جهات ، كما هو ظاهره في الخلاف (٥).
ولو اجتهد وأخبر بخلافه ، أمكن العمل على أقوى الظنّين ، لانه راجح ، وهو قريب. ووجه المنع انّه ليس من أهل التقليد.
ونعني بالمجتهد هنا العارف بأدلة القبلة المذكورة وغيرها.
ولو خاف فوت الوقت بالاجتهاد أمكن جواز التقليد ، لانّه موضع ضرورة.
وظاهر الأصحاب وجوب الصلاة الى أربع جهات مع الإمكان ، والاّ فإلى المحتمل (٦) لمرسلة خداش عن الصادق عليهالسلام ، قلت : انّ هؤلاء المخالفين يقولون : إذا أطبقت علينا وأظلمت ولم نعرف السماء كنا وأنتم سواء
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٨٥ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٤٥ ح ١٤٦ ، الاستبصار ١ : ٢٩٥ ح ١٠٨٧.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٠٢.
(٣) التهذيب ٢ : ٤٦ ح ١٤٧ ، ١٤٨ ، وفي الكافي ٣ : ٢٨٤ ح ١ ، والفقيه ١ : ١٤٣ ح ٦٦٧.
(٤) التهذيب ٢ : ٤٥.
(٥) الخلاف ١ : ٣٠٢ ، المسألة ٤٩.
(٦) المبسوط ١ : ٧٨ ، المعتبر ٢ : ٧٠ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٠٣.