الفصل الثاني : في مكروهات المكان.
تكره الصلاة في مواضع :
أحدها : الفريضة جوف الكعبة
عند الأكثر (١). وحرّمها في الخلاف (٢) وتبعه ابن البراج (٣).
واحتج الشيخ بالإجماع. ولقول الله تعالى ( فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) أي : نحوه ، وانما يصدق ذلك إذا كان خارجا منه. ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في رواية أسامة دخل البيت ودعا ، وخرج فوقف على بابه وصلّى ركعتين وقال : « هذه القبلة ، هذه القبلة » وأشار إليها ، فإذا صلّي في جوفها لم يصل الى ما أشار إليه بأنّه هو القبلة. وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهماالسلام قال : « لا تصلّ المكتوبة في جوف الكعبة » (٤). ولاستلزامه الاستدبار بصلاة الفريضة ، وهو قبيح.
وأجيب بمنع الإجماع ، كيف وهو في أكثر كتبه قائل بالكراهية (٥)! والنحو : الجهة ، ويكفي استقبال أي جزء كان منه خارجا فكذا داخلا وإذا استقبل جزءا منها فقد استقبل الكعبة ، فيخرج الجواب عن رواية أسامة. والنهي في رواية ابن مسلم للكراهية كما عليه الأصحاب. والاستدبار القبيح هو
__________________
(١) راجع : الوسيلة ، المعتبر ٢ : ٦٦ ، تذكرة الفقهاء ١ : ٨٨.
(٢) الخلاف ١ : ٤٣٩ المسألة : ١٨٦.
(٣) المهذب ١ : ٧٦.
(٤) الخلاف ١ : ٤٤٠ المسألة : ١٨٦.
ورواية أسامة في : مسند احمد ٥ : ٢٠١ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٦٨ ح ١٣٣٠ ، سنن النسائي ٥ : ٢٢٠ ، السنن الكبرى ٢ : ٨.
ورواية محمد بن مسلم في : الكافي ٣ : ٣٩١ ح ١٨ ، التهذيب ٢ : ٣٧٦ ح ١٥٦٤.
(٥) المبسوط ١ : ٨٥ ، النهاية : ١٠١ ، الاستبصار ١ : ٢٩٩ ، الجمل والعقود : ١٧٨.