في ذلك ولا تقريره.
ومنه يظهر عدم ثبوت شرعيّة الضمان المذكور.
خصوصا مع كون كلّ من الجعالة والضمان صوريّا قصد بهما تلبيس الأمر على إخوة يوسف. ولا بأس بذكر معاملة فاسدة يحصل به الغرض مع احتمال إرادة أنّ الحمل في ماله وأنّه ملتزم به ، فإنّ الزعيم هو الكفيل والضامن ، وهما لغة مطلق الالتزام ، ولم يثبت كونهما في ذلك الزمان حقيقة في الالتزام عن الغير. فتكون الفقرة الثانية تأكيدا لظاهر الاولى ، ودفعا لتوهّم كونه من الملك فيصعب تحصيله.
____________________________________
هذا مع أنّه لم يثبت الشرع بمجرّد فعل المؤذّن ، لأنّه غير حجّة ، ولم يثبت إذن قبلي من يوسف عليهالسلام في ذلك ولا تقريره بعده.
إلّا أن يقال : بأنّ قوله تعالى : (كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ)(١) الآية ، قد يدلّ على كون ذلك بإذن يوسف عليهالسلام.
إذ معنى قوله تعالى : (كِدْنا لِيُوسُفَ) ، أي : أوحينا إليه بهذا التدبير ، كما في بعض التفاسير ، أو ألهمناه هذا الكيد والحيلة ليكون ذلك سببا لما هو المقصود.
وكيف كان ، فقد سمّي هذا كيدا ؛ لأنّ ظاهره غير واقعه ، وجاز شرعا لأنّه لا يحلّل حراما ولا يحرّم حلالا.
ومنه يظهر عدم ثبوت شرعيّة الضمان المذكور ، أي : ضمان ما لم يجب. خصوصا مع كون كلّ من الجعالة والضمان صوريّا قصد بهما تلبيس الأمر على إخوة يوسف. ولا بأس بذكر معاملة فاسدة يحصل به الغرض وهو تلبيس الأمر مع احتمال إرادة أنّ الحمل في ماله ، أي : المؤذّن ، وقوله : (وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) تأكيد له ، ومعناه ما أشار إليه بقوله :
وأنّه ملتزم به ، فإنّ الزعيم هو الكفيل والضامن ، وهما لغة مطلق الالتزام ، أي : سواء كان عن نفسه أو عن غيره ، ولم يثبت كونهما في ذلك الزمان حقيقة في الالتزام عن الغير ... إلى آخره.
والحاصل أنّه لم تثبت إرادة المؤذّن كون الحمل من مال يوسف عليهالسلام ، ليكون ضمان المؤذّن
__________________
(١) يوسف : ٧٦.