التوحيد ، كما أوضحنا ذلك في باب النيّة من الفقه ـ أنّ الآية إنّما تدلّ على اعتبار الإخلاص ، لا على وجوب الإخلاص عليهم في كلّ واجب.
وفرق بين وجوب كلّ شيء عليهم لغاية الإخلاص ، وبين وجوب قصد الإخلاص عليهم
____________________________________
وحده وإقامة الصلاة والزكاة ، فكان المأمور به في الآية منحصرا في التوحيد وهو أصل الاصول والصلاة والزكاة وهما ركن الفروع ، فالحصر حينئذ ليس بحقيقي حقيقة ، بل حقيقي مبالغة. هذا تمام الكلام في مفاد الآية المباركة.
أمّا شرح ما يحتاج إليه من المتن ، فنكتفي بما ذكره الشارح الماهر الاستاذ الاعتمادي دام ظلّه العالي ، حيث قال :
وعلى تقدير الإغماض عمّا ذكر أنّ الآية إنّما تدلّ على اعتبار الإخلاص في واجباتهم ، أي : عباداتهم ، فإن وجبت هذه العبادات علينا وجب فيها الإخلاص لا على وجوب الإخلاص عليهم في كلّ واجب.
وحاصل الجواب عن الثمرة المذكورة ، هو أنّ كون اللّام للغاية فاسدا لا يمكن الإغماض عنه ، وأمّا كون العبادة مقابل المعاملة ، والإخلاص بمعنى إخلاص العبادة ، والدين بمعنى القصد ، فيمكن تسليمه والإغماض عمّا فيه.
ويكون التقدير حينئذ : وما امروا إلّا بإيقاع العبادات بقصد الخلوص ، إلّا أنّ الآية ـ حينئذ ـ تدلّ على الثمرة الاولى والحكم الأوّل فقط ، أعني : اعتبار الإخلاص في العبادة.
وبعبارة اخرى : تدلّ الآية على ثبوت الملازمة بين وجوب شيء واشتراط قصد القربة والإخلاص فيه ، ولا تدلّ على الثمرة الثانية والحكم الثاني ، أعني : الملازمة بين وجوب شيء وتعبّديّته ؛ وذلك لظهور توجّه الحصر إلى القيد ـ أعني : مخلصين ـ لا المقيّد ، أعني : ليعبدوا.
فكأنّه قال : وما امروا بإتيان عباداتهم بوجه إلّا بوجه الإخلاص عن مثل الرياء ، بل الأمر كذلك حتى على فرض تسليم جميع الامور حتى الأمر الأوّل ، بأن تكون اللّام للغاية ، والعبادة مقابل المعاملة ، والإخلاص بمعنى عدم الرياء ، والدين بمعنى القصد.
بمعنى أنّ الآية تدلّ على الحكم الأوّل فقط ـ أعني : اعتبار الإخلاص في العبادة ـ دون الثاني ، أعني : الملازمة بين الوجوب والتعبّديّة على تقدير تسليم الامور المذكورة كلّها.
إذ فرق بين وجوب كلّ شيء عليهم لغاية الإخلاص ، بأن تكون الغاية في كلّ أمر مجرّد