____________________________________
إشكال في اعتبارها في المقامين ، لأنّ المستفاد من الأخبار أنّ القرعة لكلّ أمر مشتبه أو مجهول أو مشكل ، فيشمل ما هو كذلك في الظاهر.
وأمّا الجهة الرابعة : ـ وهي القرعة من الأمارات أو الاصول ـ فملخّص الكلام فيها هو أنّه يمكن أن يقال : إنّها من الأمارات الجعليّة ، بمعنى أنّ أماريّتها تكون بجعل من الشارع ، كالاستخارة ، فأماريّتها إنّما هي بملاحظة ما وصل من الشارع في شأنها ، إنّ الله تعالى بعد تفويض الأمر إليه يرشد العبد إلى الواقع ، لا ممّا يكون أماريّتها بالوجدان مع قطع النظر عن الشارع ، كأكثر الأمارات في الأحكام والموضوعات ، ثمّ استشهد من قال بكون القرعة من الأمارات بما ورد في القرعة من الأخبار ، فإنّ ظاهر أكثرها في كون القرعة من الأمارات ، فالقرعة ـ حينئذ ـ مثل البيّنة في كونها من الأمارات لا مثل أصالة الطهارة والحلّية ونحوهما من الاصول ، فإنّ تسمية الشيء دليلا وأمارة في الاصطلاح مبنيّة على كونه ناظرا إلى الواقع بالذات أو بجعل الشارع ، والقرعة من القسم الثاني حيث يكون الوجه في اعتبارها جهة نظرها إلى الواقع ، ثمّ هذا بالنسبة إلى ما كان له واقع مجهول للمكلّف لا إشكال فيه.
أمّا بالنسبة إلى ما لا تعيّن له واقعا فربّما يتراءى في بادئ النظر عدم تصور الطريقيّة الجعليّة فيه من جهة عدم وجود واقع مجهول فيه بالفرض ، إلّا أنّه يمكن تصور الطريقيّة فيه بعد التأمّل أيضا ، فإنّه وإن لم يكن فيه واقع مجهول ، إلّا أنّه يحتمل أن يكون هناك امور أوجبت أحقيّة أحد الطرفين بالتقديم بالنسبة إلى الآخر ، وإن كانت ممّا لا ندركه ، اللهمّ إلّا أن يدّعى أنّ الأمارة في اصطلاح الاصوليّين ما كانت أماريّتها بالذات مع قطع النظر عن بيان الشارع وإحداثه القرب فيها ، أو يقال بعدم حصول الظنّ من القرعة ولو نوعا بعد ملاحظة ما ورد من الأخبار فيه ، هذا كلّه على تقدير الاستناد في القرعة إلى الأخبار ، أمّا لو استند فيها إلى الإجماع فلا دلالة فيه على اعتبارها من باب الطريقيّة والأماريّة ، فتلحق بما كان اعتباره من باب التعبّد في الحكم. هذا تمام الكلام في الجهة الرابعة كما في بحر الفوائد مع تلخيص منّا.
وأمّا الجهة الخامسة : فقد أشار إليها بقوله : لكن ذكر في محلّه أنّ أدلّة القرعة لا يعمل بها بدون جبر عمومها بعمل الأصحاب أو جماعة منهم.