____________________________________
وحاصل الكلام في هذا المقام على ما في بحر الفوائد وشرح الاستاذ الاعتمادي هو أنّه إن قلنا بشمول الأخبار الواردة في القرعة الدالّة على اعتبارها للشبهة الحكميّة والشبهة في الموضوعات المستنبطة ، فلا إشكال في تقديم أخبار الاستصحاب على الأخبار الواردة في القرعة من باب التخصيص ، لأنّها أخصّ مطلقا بالنسبة إليها.
وبالجملة ، إنّ دليل الاستصحاب يكون أخصّ مطلقا من دليل القرعة فيكون مخصّصا له ، كما أنّ الإجماع ـ أيضا ـ مخصّص لدليل القرعة بإخراج الشبهات الحكميّة والموضوعات المستنبطة منه ، فيكون قول المصنف قدسسره ـ أعني : فلا بد من تخصيصها بها ـ صحيحا من دون حاجة إلى تكلّف التوجيه.
وأمّا لو قلنا بأنّ أدلّة القرعة لا تشمل جميع الشبهات بل من الأوّل مختصّة بالشبهات الموضوعيّة ، فيمكن أن يقال بتقديم أخبار الاستصحاب على أخبار القرعة أيضا ، وذلك لا من باب التخصيص ، لأنّ النسبة بينهما ـ حينئذ ـ هي عموم من وجه ، مادّة الاجتماع كالإناء المشكوك بالطهارة ، ومادّة الافتراق من جانب دليل الاستصحاب هو الاستصحاب في الشبهات الحكميّة كاستصحاب الطهارة بعد خروج المذي ، ومادّة الافتراق من جانب دليل القرعة مورد انتفاء الحالة السابقة كالإناءين المشتبهين ، بل من جهة حكومة أخبار الاستصحاب على أخبار القرعة ، حيث إنّ الاستصحاب وإن كان أصلا أيضا كالقرعة على الفرض ، إلّا إنّ أخبار الاستصحاب فيها جهة الطريقيّة من حيث كون لسانها البناء على بقاء المتيقّن وأنّه لم يرتفع ، ولذا يكون الاستصحاب حاكما على أصالة الحلّية الشرعيّة. هذا ما في بحر الفوائد.
قال الاعتمادي : إنّ مقتضى كون النسبة بين دليل الاستصحاب والقرعة عموما من وجه هو تعارضهما في مادّة الاجتماع ، إلّا إنّه لا بدّ من ترجيح الاستصحاب ، لأنّ أكثر أدلّتها وردت في مورد الشبهة الموضوعيّة وتخصيص المورد غير ممكن ، والتفصيل بالأخذ بالاستصحاب في خصوص الموارد المأخوذة في الأدلّة والأخذ بالقرعة في غيرها مدفوع بعدم الفصل في المسألة. هذا تمام الكلام في تعارض القرعة مع الاستصحاب ، أمّا حكم تعارضها مع غيره فقد أشار إليه بقوله :