وأمّا إذا شكّ في صحّته بمعنى المطابقة للواقع ، فلا دليل على وجوب الحمل على ذلك. ولو ثبت ذلك أوجب حجيّة كلّ خبر أخبر به المسلم ، لما عرفت من أنّ الأصل في الخبر كونه كاشفا عن اعتقاد المخبر ، أمّا لو ثبتت حجيّة خبره فقد يعلم أنّ العبرة باعتقاده بالمخبر به ، كما في المفتي وغيره ممّن يعتبر نظره في المطلب ، فيكون خبره كاشفا عن الحجّة لا نفسها ،
____________________________________
القبيح).
ومعنى الحمل على الصحيح أنّه لم يكن مقصّرا في مقدّمات اعتقاده ، لأنّ التقصير في المقدّمات قبيح يجب تنزيه المسلم عنه.
وأمّا إذا شكّ في صحّته بمعنى المطابقة للواقع ، فلا دليل على وجوب الحمل على ذلك أي : صحّة الاعتقاد بمعنى المطابقة للواقع ولو ثبت ذلك أوجب حجيّة كلّ خبر أخبر به المسلم ، لما عرفت من أنّ الأصل في الخبر كونه كاشفا عن اعتقاد المخبر.
وحاصل الكلام إنّك قد عرفت في أصالة الصحّة في الأقوال أنّ الأصل في القول والخبر كونه مطابقا لاعتقاد المخبر ، فإذا فرض وجود دليل على كون الأصل في الاعتقاد كونه مطابقا للواقع ، فيستنتج من هاتين المقدّمتين كون الأصل في خبر المسلم الحجيّة ، بمعنى الحكم بمطابقة مضمونه للواقع ، لأنّ الخبر مطابق لاعتقاد المخبر بمقتضى أصالة الصحّة في الأقوال ، والاعتقاد مطابق للواقع بمقتضى أصالة الصحّة في الاعتقادات ، فالنتيجة هي كون كلّ خبر أخبر به المسلم مطابق للواقع ، وهو معنى الحجيّة في الخبر.
وبالجملة ، إنّ الملازمة بين حجيّة الاعتقاد وصحّته بمعنى المطابقة للواقع ، وبين حجيّة الخبر ثابتة ، إلّا إنّه لا ملازمة بين حجيّة الخبر وحجيّة الاعتقاد ، لاحتمال مدخليّة القول بما هو في حجيّة الخبر تعبّدا من دون مدخليّة الاعتقاد أصلا ، بحيث لو علم الاعتقاد من غير طريق الخبر لا يترتّب عليه أثر أصلا ، كما لو علم اعتقاد شخص بدخول الوقت بشروعه في الأذان مثلا.
أمّا لو ثبتت حجيّة خبره في موارد كان مناط الحجيّة فيها مختلفا ، ففي بعضها يكون مناط الحجيّة مجرّد الاعتقاد ، وفي بعضها المناط هو الإخبار بالواقع ، بحيث لا يكفي مجرّد الاعتقاد ولا الاخبار بالاعتقاد ، وفي بعضها يكفي مطلق الإخبار ، كما أشار إليه بقوله : فقد يعلم أنّ العبرة باعتقاده بالمخبر به ، كما في المفتي وغيره من أهل كلّ فنّ ممّن يعتبر نظره