تقرّر في الشبهة المحصورة ، من أنّ الأصل في بعض أطراف الشبهة إذا لم يكن جاريا أو لم يحتج إليه ، فلا ضير في إجراء الأصل في البعض الآخر.
ولأجل ما ذكرنا استمرّ بناء المسلمين في أوّل البعثة على الاستمرار على ما كانوا عليه حتى يطّلعوا على الخلاف ، إلّا أن يقال : إنّ ذلك كان قبل إكمال شريعتنا ، وأمّا بعده ، فقد جاء النبيّ صلىاللهعليهوآله بجميع ما تحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة ، سواء خالف الشريعة السابقة أم
____________________________________
المنسوخات وإن لم تنحصر في المقدار المعلوم تفصيلا ، لكن يحتمل انحصارها فيما بين الأحكام المعلومة في شرعنا.
وحيث إنّ هذه الأحكام واجبة العمل من دون حاجة إلى أصالة عدم النسخ سواء كانت من موارد النسخ أم لا ، فيجوز إجراء أصالة عدم النسخ في موارد الحاجة ، وهي الأحكام المعلوم وجودها في الشريعة السابقة المشكوك نسخها في شرعنا.
لما تقرّر في الشبهة المحصورة ، من أنّ الأصل في بعض أطراف الشبهة إذا لم يكن جاريا لخروجه عن محلّ الابتلاء أو للاضطرار إليه أو لغير ذلك أو لم يحتج إليه ، كما في المقام لكون أحكام شرعنا واجبة العمل من دون حاجة إلى أصالة عدم النسخ.
فلا ضير في إجراء الأصل في البعض الآخر ، لكون الأصل فيه سليما عن المعارض.
ولأجل ما ذكرنا من الاستصحاب المرتكز عند العقلاء استمرّ بناء المسلمين في أوّل البعثة على الاستمرار على ما كانوا عليه حتى يطّلعوا على الخلاف ، إلّا أن يقال : إنّ ذلك ، أي : الاستصحاب كان قبل إكمال شريعتنا ، وأمّا بعده ، فقد جاء النبي صلىاللهعليهوآله بجميع ما تحتاج إليه الامّة إلى يوم القيامة ، سواء خالف الشريعة السابقة أم وافقها.
كما يدلّ عليه قوله صلىاللهعليهوآله في خطبة حجّة الوداع : ما من شيء يقرّبكم إلى الجنّة ويبعّدكم عن النار إلّا وقد أمرتكم به ، وما من شيء يبعّدكم عن الجنّة ويقرّبكم إلى النار إلّا وقد نهيتكم عنه حتى الخدش بالأظفار (١).
فالمستفاد من هذا الخبر أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قد جاء بجميع ما تحتاج إليه الامّة ، وقد بيّن حكم كلّ فعل وكلّ موضوع ، وما أهمل بيان شيء من الأحكام الشرعيّة.
__________________
(١) الكافي ٢ : ٧٤ / ٢. الوسائل ١٧ : ٤٥ ، أبواب مقدّمات التجارة ، ب ١٢ ، ح ٢ ، وليس فيهما عبارة (حتى الخدش بالأظفار).