مثلا : صحّة الإيجاب عبارة عن كونه بحيث لو تعقّبه قبول صحيح لحصل أثر العقد في مقابل فاسده الذي لا يكون كذلك ، كالإيجاب بالفارسي ، بناء على القول باعتبار العربيّة. فلو تجرّد الايجاب عن القبول لم يوجب ذلك فساد الإيجاب.
فإذا شكّ في تحقّق القبول من المشتري بعد العلم بصدور الإيجاب من البائع ، فلا تقضي أصالة الصحّة في الإيجاب بوجود القبول ، لأن القبول معتبر في العقد لا في الإيجاب.
وكذا لو شكّ في تحقّق القبض في الهبة أو في الصرف أو السلم ، بعد العلم بتحقّق الإيجاب والقبول ، لم يحكم بتحقّقه من حيث أصالة صحّة العقد.
وكذا لو شكّ في إجازة المالك لبيع الفضولي ، لم يصحّ إحرازها بأصالة الصحّة.
____________________________________
تترتّب على صحّة الجزء ، وجميع ما ذكرناه مذكور في المتن على نحو التفصيل من دون حاجة إلى التوضيح.
ثمّ وجه عدم جريان أصالة الصحّة في الجميع هو عدم شمول الأدلّة.
قال الاستاذ الاعتمادي ـ في ذيل قول المصنف قدسسره : لم يصحّ إحرازها بأصالة الصحّة ـ :
«توضيح المطلب : إنّ صحّة الفعل عبارة عن كونه بحيث يترتّب عليه الأثر المقصود منه ، والأثر المقصود من كلّ فعل إنّما هو بحسب وسعه ومرتبته ، فأثر الإيجاب ـ مثلا بحسب وسعه ومرتبته ـ هو حصول النقل والانتقال على تقدير تحقّق سائر ما يعتبر في المعاملة ، ويقال له الصحّة التأهليّة ، فصحّة الإيجاب كونه بحيث يترتّب عليه الأثر المذكور ، كوقوعه بلفظ كامل من شخص كامل بمعوض كامل ، فالأثر المطلوب من العقد لا يطلب من الإيجاب وحده.
وحينئذ فإذا تحقّق الإيجاب وشكّ في صحّته من جهة احتمال انتفاء شيء ممّا يعتبر فيه ، كالعربيّة يجري فيه أصالة الصحّة ، أي : يحكم بترتّب الأثر المطلوب منه ، وهو حصول النقل على تقدير تحقّق سائر ما يعتبر في المعاملة.
وأمّا إذا تحقّق الإيجاب وشكّ في صحّته من جهة تحقّق القبول ، لا تجري أصالة الصحّة لإثبات القبول كي يحكم بحصول النقل والانتقال ؛ لأن القبول ليس من الامور المعتبرة في الإيجاب ، بل في العقد وحصول النقل والانتقال ليس أثرا مقصودا من الإيجاب ، بل من العقد ، وكذا لا يمكن إثبات تحقّق القبول بأصالة صحّة العقد ، وذلك