إذ لو فرض وجود اللّاحقين في السابق عمّهم الحكم قطعا ، فإنّ الشريعة اللّاحقة لا تحدث عند انقراض أهل الشريعة الاولى ، غاية الأمر احتمال مدخليّة بعض أوصافهم المعتبرة في موضوع الحكم.
ومثل هذا لو أثّر في الاستصحاب لقدح في أكثر الاستصحابات ، بل في جميع موارد
____________________________________
وحاصل الحلّ أنّ ما ذكر من الأشكال من جهة مدخليّة الأشخاص في الحكم مبني على أن تكون الأحكام في كلّ شريعة مجعولة على نحو القضايا الخارجيّة المتكفّلة للحكم على الأفراد الموجودة في زمان خاصّ ، وليس الأمر كذلك ، بل الأحكام في كلّ شريعة مجعولة على نحو القضايا الحقيقيّة الشاملة لجميع أفراد المكلّفين الموجودة والمقدّرة إلى يوم القيامة.
وحينئذ فلا يلزم إشكال أصلا ، إذ بعد فرض ثبوت الحكم من الأوّل لجميع الأفراد الموجودة بالفعل أو بالفرض لو لا النسخ ، فإذا شكّ في نسخ حكم من الأحكام وعدم عموم لفظي يقتضي استمراره في جميع الأزمنة ، يجري فيه استصحاب البقاء وعدم النسخ ، ولازمه ثبوته للأفراد الموجودة في الشريعة اللّاحقة.
إذ لو فرض وجود اللّاحقين في السابق عمّهم الحكم قطعا لما عرفت من أنّ الأحكام مجعولة على نحو القضايا الحقيقيّة ، لا على نحو القضايا الخارجيّة ، نظير الخطاب الصادر من المولى العرفي إلى عبده أو من الأب إلى ابنه ، فكلّ شريعة مستمرّة إلى يوم القيامة ما لم تنسخ.
فإنّ الشريعة اللّاحقة لا تحدث عند انقراض أهل الشريعة الاولى ، وذلك فإنّ كثيرا من أمّة عيسى عليهالسلام مثلا كانوا موجودين عند حدوث شريعتنا وقد صاروا موظّفين بالعمل بها ، على ما في شرح الاعتمادي.
غاية الأمر احتمال مدخليّة بعض أوصافهم المعتبرة في موضوع الحكم.
وحاصل الكلام فيما يمكن أن يكون مراد المصنّف قدسسره في المقام ، هو أنّ غاية الأمر كون الشكّ في المقام شكّا في المقتضي من جهة احتمال مدخليّة بعض الأوصاف ، مثل كونهم أمّة موسى عليهالسلام أو عيسى عليهالسلام مثلا في موضوع الحكم ، فلو لم يجر الاستصحاب فيه ، فهو من جهة كون الشكّ في المقتضي لا من جهة اختلاف الأشخاص في الشريعتين. هذا على ما ذهب إليه المصنّف قدسسره من عدم اعتبار الاستصحاب في مورد الشكّ في المقتضي ، وأمّا على ما ذهب إليه القوم من قولهم باعتبار الاستصحاب مطلقا ، فيجري فيه الاستصحاب.