الشكّ من غير جهة الرافع.
وأمّا التمسّك في تسرية الحكم من الحاضرين إلى الغائبين فليس مجرى للاستصحاب حتى يتمسّك به ، لأنّ تغاير الحاضرين المشافهين للغائبين ليس بالزمان ، ولعلّه سهو من قلمه قدسسره. وأمّا التسرية من الموجودين إلى المعدومين ، فيمكن التمسّك فيها بالاستصحاب
____________________________________
ومثل هذا لو أثّر في الاستصحاب ، أي : مثل مجرّد تغيّر الوصف الاعتباري ككونهم أمّة عيسى عليهالسلام لو أثّر في عدم جريان الاستصحاب ، ومنع عن جريانه لقدح في أكثر الاستصحابات.
إذ ما من استصحاب إلّا أن يحصل فيه تغيير من جهة الموضوع أو غيره وصار منشأ للشكّ ؛ لأنّه لو لم يحصل تغيّر أصلا لم يطرأ شكّ أبدا ، كي يجري الاستصحاب ، ألا ترى أنّه يشكّ في بقاء نجاسة الكرّ المتغيّر لأجل زوال تغيّره بنفسه ومع ذلك يجري الاستصحاب؟ كما في شرح الاعتمادي مع توضيح منّا.
بل في جميع موارد الشكّ من غير جهة الرافع.
وملخّص الكلام في المقام على ما في شرح الاعتمادي ، هو أنّ الشكّ في بقاء الحكم من جهة المقتضي دائما يكون من جهة تغيّر الموضوع.
نعم ، إذا كان الشكّ في بقاء الحكم من جهة احتمال الرافع ، كالشكّ في بقاء الطهارة لاحتمال الحدث ، فهو لا يرجع إلى تغيّر في الموضوع. هذا تمام الكلام في ردّ ما استدلّ به صاحب الفصول على عدم جريان الاستصحاب في أحكام الشريعة السابقة من تغاير الموضوع.
ثمّ أيّد هذا الاستدلال بتسرية أحكام الحاضرين إلى الغائبين بالإجماع والأخبار لا بالاستصحاب ؛ وذلك لعدم جريان الاستصحاب من جهة تغاير الموضوع. فأشار المصنّف قدسسره إلى ردّ هذا التأييد أو الجواب عنه بقوله :
وأمّا التمسّك في تسرية الحكم من الحاضرين إلى الغائبين فليس مجرى للاستصحاب حتى يتمسّك به ، لأنّ تغاير الحاضرين المشافهين للغائبين ليس بالزمان ، بل هو بالحضور والغيبة ، وهذا القسم من التغاير مانع عن الاستصحاب ؛ لأنّ مجرى الاستصحاب هو ما كان المتيقّن والمشكوك مختلفين بالزمان ، لا بالأشخاص.
وأمّا التسرية من الموجودين إلى المعدومين ، فيمكن التمسّك فيها بالاستصحاب