فالمراد من تكذيب السمع والبصر تكذيبهما في ما يفهمان من ظواهر بعض الأفعال من القبح ، كما إذا ترى شخصا ظاهر الصحّة يشرب الخمر في مجلس يظنّ أنّه مجلس الشرب. وكيف كان ، فعدم وفاء الأخبار بما نحن بصدده أوضح من أن يحتاج إلى البيان حتى المرسل الأوّل.
بقرينة ذكر الأخ وقوله : (ولا تظنّن) (١) الخبر.
____________________________________
وتصديق الأخ المؤمن مؤيّد لما ذكرنا ، إلّا إنّ الوجه الأوّل الذي يظهر من كلام المصنف قدسسره هنا لا يخلو عن إشكال ، إذ مرجع هذا الجمع إلى ترتيب آثار الصحّة على قول المؤمن وهو خلاف ما هو المطلوب بالفرض ، هذا مضافا إلى كونه مستلزما لترجيح المرجوح على الراجح ، أي : حمل قول الأخ المؤمن على مطابقة الواقع والاعتقاد معا وحمل قولهم على مطابقة الاعتقاد فقط ، ولعلّه الوجه لجعله هذا الوجه مؤيّدا ، لا دليلا.
فالمراد من تكذيب السمع والبصر تكذيبهما في ما يفهمان من ظواهر بعض الأفعال من القبح ، كما إذا ترى شخصا ظاهر الصحّة يشرب الخمر في مجلس يظنّ أنّه مجلس الشرب.
فيكذّب البصر بحمل الشرب على المباح ولا يترتب عليه آثار شرب الخمر من الحدّ وغيره ، كما لا يترتب آثار شرب المباح ـ أيضا ـ لو فرض له أثر بالنذر وغيره.
وكيف كان أي : سواء كان جمعه عليهالسلام بين تصديقه وتكذيبهم مؤيّدا للمطلوب أم لا ، كما في شرح الاعتمادي فعدم وفاء الأخبار بما نحن بصدده أوضح من أن يحتاج إلى البيان وذلك لظهورها في إجلال شأن المؤمن والنهي عن اتّهامه والأمر بحسن الظنّ به حتى المرسل الأول ، أعني : قوله عليهالسلام : ضع أمر أخيك على أحسنه ... إلى آخره ، لأنّ لفظ الأحسن فيه ليس للتفضيل ، كي يقال بأنّ الأحسن هو ما ترتّب عليه الأثر للإجماع على أنّه لو تردّد فعل بين الحسن ـ أعني : المباح ـ والأحسن ـ أعني : المستحبّ مثلا ـ يحمل على المستحبّ بقرينة ذكر الأخ حيث يكون ذكره ممّا له دخل في الحمل على الأحسن وعدم الاتّهام لا في الحمل على الصحيح ، لعدم الفرق في الحمل على الصحيح بين الأخ المؤمن وبين المخالف وقوله : ولا تظنّن الخبر ... إلى آخره حيث يكون صريحا في نفي ظنّ
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٦٢ / ٣. الوسائل ١٢ : ٣٠٢ ، أبواب أحكام العشرة ، ب ١٦١ ، ح ٣.