وممّا يؤيّد ما ذكرنا ـ أيضا ـ ما ورد في غير واحد من الروايات من عدم جواز الوثوق بالمؤمن كلّ الوثوق.
مثل رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : (لا تثقنّ بأخيك كلّ الثّقة ، فان صرعة الاسترسال لا تستقال) (١).
____________________________________
السوء ، فتكون الرواية مسوقة لبيان عدم جواز الظنّ السوء بالأخ المؤمن.
وممّا يؤيّد ما ذكرنا ـ أيضا ـ ما ورد في غير واحد من الروايات من عدم جواز الوثوق بالمؤمن كلّ الوثوق.
وجه التأييد أنّه لو كان المراد بالأخبار المتقدّمة حمل فعل المسلم على الصحيح ، بمعنى ترتيب الآثار عليه لكانت الأخبار المتقدّمة منافية ومعارضة مع الأخبار الآتية الناهية عن الوثوق بالمؤمن كلّ الوثوق ، وعن حسن الظنّ بالمؤمن مع غلبة الفساد على الزمان وأهله ، ولكن عدم الوثوق القلبي الكامل بالمؤمن لا ينافي حمل فعله وقوله على الصحيح بمعنى الحسن المباح ، إلّا أن يقال : إنّ ظاهر بعض الروايات الآتية هو جواز ظنّ السوء ، فيرد عليه ـ مضافا ـ إلى كونه معارضا للأخبار المتقدّمة الناهية عن ظنّ السوء ـ أنّه مخالف للإجماع ، لأنّ ظنّ السوء حرام بالإجماع ، فالمراد من النهي عن حسن الظنّ في بعض الروايات الآتية هو حسن الظنّ المفرط بالغير بحيث يجعله أمينا وصاحب سرّه ، فيكون النهي للإرشاد.
وكيف كان ، فلا بدّ من ذكر الروايات وتوضيحها طبقا لما في شرح الاعتمادي.
مثل رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : (لا تثقنّ بأخيك كلّ الثقة ، فإنّ صرعة الاسترسال لا تستقال).
أي : السقوط الناشئ عن الاطمئنان بالمؤمن لا يتدارك أصلا ، الصّرعة ـ بكسر الصاد ـ هو بمعنى السقوط والطرح على الأرض ، والاسترسال : بمعنى الطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحدثه والسكون إليه ، لا تستقال : بمعنى لا تتدارك ، وقيل في معنى الرواية : فإنّ المفسدة التي تحصل من الاستيناس بالأخ لا تنفسخ ولا تزول.
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥٣٢ / ٧. الوسائل ١٢ : ١٤٧ ، أبواب أحكام العشرة ، ب ١٠٢ ، ح ٤.