مختصّ بالدليل العلمي المزيل وجوده للشكّ المأخوذ في مجرى الاستصحاب.
____________________________________
هذا مختصّ بالدليل العلمي المزيل وجوده للشكّ المأخوذ في مجرى الاستصحاب.
وكيف كان ، فتقريب كون تقديم الأمارة على الاستصحاب من باب الحكومة يحتاج إلى بيان الفرق بين هذه العناوين ، أعني : التخصيص والورود والحكومة.
وملخّص الفرق على ما في تقرير سيّدنا الاستاذ دام ظله ، هو أنّ التخصيص هو رفع الحكم عن الموضوع بلا تصرّف في الموضوع ، كقوله عليهالسلام : نهى النبي صلىاللهعليهوآله عن بيع الغرر (١) ، فإنّه تخصيص لقوله تعالى : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ)(٢) ، لكونه رافعا للحلّيّة بلا تصرّف في الموضوع ، بأن يقال : البيع الغرري ليس بيعا مثلا.
ويقابله التخصّص مقابلة تامّة ، إذ هو عبارة عن الخروج الموضوعي التكويني الوجداني بلا إعمال دليل شرعي ، كما إذا أمر المولى بوجوب إكرام العلماء ، فالجاهل خارج عنه خروجا موضوعيا تكوينيّا بالوجدان بلا احتياج إلى دليل شرعي ، وما بين التخصيص والتخصّص أمران متوسّطان : وهما الورود والحكومة.
أمّا الورود ، فهو عبارة عن انتفاء الموضوع بالوجدان لنفس التعبّد لا لثبوت المتعبّد به ، وإن كان ثبوته لا ينفكّ عن التعبّد ، إلّا أنّ ثبوته إنّما هو بالتعبّد.
وأمّا نفس التعبّد ، فهو ثابت بالوجدان لا بالتعبّد ، وإلّا يلزم التسلسل ، وذلك كالأمارات بالنسبة إلى الاصول العقليّة ، كالبراءة العقليّة والاحتياط العقلي والتخيير العقلي ، فإنّ موضوع البراءة العقليّة عدم البيان. وبالتعبّد يثبت البيان وينتفي موضوع حكم العقل بالبراءة بالوجدان.
وموضوع الاحتياط العقلي احتمال العقاب. وبالتعبّد الشرعي وقيام الحجّة الشرعيّة يرتفع احتمال العقاب ، فلا يبقى موضوع للاحتياط العقلي.
وموضوع التخيير العقلي عدم الرجحان مع كون المورد ممّا لا بدّ فيه من أحد الأمرين ، كما إذا علم بتحقّق الحلف مع الشكّ في كونه متعلّقا بفعل الوطء أو تركه ، فإنّه لا بدّ من الفعل أو الترك ، لاستحالة ارتفاع النقيضين كاجتماعهما ، ومع قيام الأمارة على أحدهما
__________________
(١) عيون الأخبار ٢ : ٤٥ / ١٦٨ ، والوسائل ١٧ : ٤٤٨ ، أبواب آداب التجارة ، ب ٤٠ ، ح ٣.
(٢) البقرة : ٢٧٥.