____________________________________
يحصل الرجحان وينتفي موضوع حكم العقل بالتخيير وجدانا.
وأمّا الحكومة ، فهي عبارة عن انتفاء الموضوع لثبوت المتعبّد به بالتعبّد الشرعي ، وذلك كالأمارات بالنسبة إلى الاصول الشرعيّة التي منها الاستصحاب ، فإنّه بعد ثبوت ارتفاع المتيقّن السابق بالتعبّد الشرعي لا يبقى موضوع للاستصحاب ، إذ موضوعه الشكّ وقد ارتفع تعبّدا ، وإن كان باقيا وجدانا لعدم كون الأمارة مفيدة للعلم على الفرض.
وكذا سائر الاصول الشرعيّة ، فإنّه بعد كون الأمارة علما تعبّديا لما في تعبير الأئمّة عليهمالسلام عمّن قامت عنده الأمارة بالعارف والفقيه والعالم لا يبقى موضوع لأصل من الاصول الشرعيّة تعبّدا.
فتحصّل ممّا ذكرناه أنّ تقديم الأمارات على الاستصحاب ليس من باب الورود ، إذ بمجرّد ثبوت التعبّد بالأمارة لا يرتفع موضوع التعبّد بالاستصحاب ، لكونه الشكّ وهو باق بعد قيام الأمارة على الفرض ، بل تقديمها عليه إنّما هو من باب الحكومة التي مفادها عدم المنافاة حقيقة بين الدليل الحاكم والمحكوم عليه.
توضيح ذلك : إنّ القضايا الحقيقيّة متكفلة لإثبات الحكم على تقدير وجود الموضوع ، وليست متعرّضة لبيان وجود الموضوع نفيا وإثباتا ، بلا فرق بين كونها من القضايا الشرعيّة أو العرفيّة ـ إخباريّة كانت أو إنشائيّة ـ فإنّ مفاد قولنا : الخمر حرام ، إثبات الحرمة على تقدير وجود الخمر.
وأمّا كون هذا المائع خمرا أو ليس بخمر ، فهو أمر خارج عن مدلول الكلام. وحيث إنّ دليل الحاكم شأنه التصرّف في الموضوع ، فلا منافاة بين الدليل الدالّ على حرمة الخمر ، والدليل الدالّ على أنّ هذا المائع ليس بخمر.
وكذا لا منافاة بين قوله تعالى : (وَحَرَّمَ الرِّبا)(١) وبين قوله عليهالسلام : لا ربا بين الوالد والولد (٢).
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) الكافي ٥ : ١٤٧ / ١ ، والوسائل ١٨ : ١٣٥ ، أبواب الربا ، ب ٧ ، ح ١. والحديث فيهما : (ليس بين الرجل وولده ربا).