ولا تخصّصا بمعنى خروج المورد بمجرّد وجود الدليل عن مورد الاستصحاب ، لأن هذا
____________________________________
الشكّ بين الثلاث والأربع ونحوها بما دلّ على وجوب البناء على الأكثر.
والقول بتقديم الأمارات على الاصول ومنها الاستصحاب من باب التخصيص يظهر من جماعة منهم صاحب الرياض ، حيث قال بأنّ الأمارات تتقدّم على الاصول بعنوان التخصيص.
وتقريره على ما في شرح الاعتمادي أنّ النسبة بين الأمارة والاستصحاب مثلا من حيث المورد وإن كانت هي العموم من وجه ، إذ قد يكون المورد مجرى الاستصحاب ولا توجد فيه أمارة مخالفة ، وقد يكون بالعكس ، وقد يجتمعان كما في الشيء المسبوق بالطهارة الذي قامت البيّنة على نجاسته ، إلّا أنّ الأمارة بمنزلة الخاصّ المطلق والاستصحاب بمنزلة العام المطلق.
لأنهم قالوا بعدم الفصل في اعتبار الأمارة وعدمه بين مورد تعارضها مع الأصل وغيره ، فلو لم تكن معتبرة في مورد التعارض لم تكن معتبرة في غيره أيضا ، فيلزم طرحها رأسا ، وأمّا طرح الاستصحاب في مورد التعارض لا يستلزم طرحه في مادّة افتراقه ، فلا بدّ من تخصيص الاستصحاب بالأمارة كما خصّص استصحاب عدم اتيان الأكثر بوجوب البناء على الاكثر عند الشكّ في الركعات.
وفيه : أوّلا : أنّ تقديم الدليل الاجتهادي على الأصل لا بدّ من أن يكون من باب الورود أو الحكومة ، لما عرفت غير مرّة من أنّ الدليل يخرج الشيء عن موضوع الأصل فلا يعقل التخصيص ؛ لأنه رفع الحكم عمّا هو داخل في موضوع العامّ.
وثانيا : أنّ ظاهر أدلّة اعتبار الأمارات حكومتها على الاصول. كما يأتي.
ولا تخصّصا ليس المراد به خروج المورد بالذات عن مورد الاستصحاب كما هو المعنى الاصطلاحي الظاهر منه ، بل المراد منه خروجه بعد ملاحظة ورود الدليل عن مورد الاستصحاب ، فيكون المراد بالتخصّص هو الورود ، وهو أن يكون وجود أحد الدليلين مخرجا للشيء عن موضوع الدليل الآخر ، كما أشار إليه بقوله :
بمعنى خروج المورد بمجرّد وجود الدليل عن مورد الاستصحاب.
فحاصل الكلام ، هو أنّ تقدّم الأمارات الظنّية على الاصول ليس من باب الورود ، لأن