لكنّ الشأن في أنّ العمل به من باب تخصيص أدلّة الاستصحاب أو من باب التخصّص.
الظاهر أنّه من باب حكومة أدلّة تلك الامور على أدلّة الاستصحاب ، وليس تخصيصا بمعنى رفع اليد عن عموم أدلّة الاستصحاب في بعض الموارد ، كما ترفع اليد عنها في مسألة الشكّ بين الثلاث والأربع ونحوها بما دلّ على وجوب البناء على الأكثر.
____________________________________
حصر الناقض في اليقين ، فيكون مورد قيام الأمارة مشمولا لحرمة النقض ، لعدم كونها مفيدة لليقين على الفرض.
الوجه الثالث ـ : أنّ رفع اليد ـ عن المتيقّن السابق لقيام الأمارة على ارتفاعه ـ ليس إلّا لأجل اليقين بحجّيّة الأمارة ، إذ الامور الظنّيّة لا بدّ وأن تنتهي إلى العلم ، وإلّا يلزم التسلسل ، وقد ذكرنا عند التعرّض لحرمة العمل بالظنّ : أنّ المراد حرمة العمل بما لا يرجع بالآخرة إلى العلم ، إمّا لكونه بنفسه مفيدا للعلم وإمّا للعلم بحجّيّته ، فبعد العلم بحجّيّة الأمارات يكون رفع اليد عن المتيقّن السابق لأجل قيام الأمارة من نقض اليقين باليقين ، فلا يبقى موضوع للاستصحاب.
وفيه : انّ ظاهر قوله : عليهالسلام : ولكن تنقضه بيقين آخر (١) كون اليقين الثاني متعلّقا بارتفاع ما تعلّق بحدوثه اليقين الأوّل ، ليكون اليقين الثاني ناقضا لليقين الأوّل.
بل بعض الأخبار صريح في هذا المعنى ، وهو قوله عليهالسلام في صحيحة زرارة : لا حتى يستيقن أنّه قد نام (٢) فجعل فيه الناقض لليقين بالطهارة اليقين برفعها وهو النوم ، وليس اليقين الثاني في مورد قيام الأمارة متعلّقا بارتفاع ما تعلّق به اليقين الأوّل ، بل بشيء آخر وهو حجّيّة الأمارات ، فلا يكون مصداقا لنقض اليقين باليقين ، بل من نقض اليقين بغير اليقين.
فتحصّل مما ذكرناه في المقام أنّ تقديم الأمارات على الاستصحاب لا بدّ من أن يكون من باب الحكومة. انتهى. وقد اختاره المصنف قدسسره حيث قال :
الظاهر أنّه من باب حكومة أدلّة تلك الامور على أدلّة الاستصحاب ، وليس تخصيصا بمعنى رفع اليد عن عموم أدلّة الاستصحاب في بعض الموارد ، كما ترفع اليد عنها في مسألة
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.
(٢) التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ ، أبواب نواقض الوضوء ، ب ١ ، ح ١.