موضوعاتها التي هي المعيار في وجودها وعدمها ، فإذا قال الشارع : «العنب حلال» فإذا ثبت كون الموضوع هو مسمّى هذا الإسم دار الحكم مداره ، فينتفي عند صيرورته زبيبا ، أمّا إذا علم من العرف أو غيره أنّ الموضوع هو الكلّي الموجود في العنب المشترك بينه وبين الزبيب أو بينهما وبين العصير ، دار الحكم مداره أيضا.
نعم ، تبقى دعوى : «إنّ ظاهر اللفظ في مثل القضيّة المذكورة كون الموضوع هو العنوان وتقوّم الحكم به المستلزم لانتفائه بانتفائه». لكنّك عرفت أنّ العناوين مختلفة والأحكام ـ أيضا ـ مختلفة ، وقد تقدّم حكاية بقاء نجاسة الخنزير المستحيل ملحا عن أكثر أهل العلم
____________________________________
وممّا ذكرنا ، من أنّ الميزان في بقاء الموضوع هو العرف وأنّ مراتب تغيّر الموضوع مختلفة عندهم يظهر أنّ معنى قولهم : الأحكام تدور مدار الأسماء ، أنّها تدور مدار أسماء موضوعاتها التي هي المعيار في وجودها وعدمها.
لأن الموضوعات بالنسبة إلى الأحكام تكون كالعلل بالنسبة إلى معلولاتها ، وتكون الأسماء حاكية عن المسمّيات التي هي الموضوعات للأحكام ، فالأحكام تدور مدار الأسماء الحاكية عن الموضوعات فتنتفي بانتفائها ، إلّا أن يعلم بأنّ الموضوع أعمّ ممّا يحكي عنه الإسم في ظاهر الدليل ، كما أشار إليه بقوله :
أمّا إذا علم من العرف أو غيره أنّ الموضوع هو الكلّي الموجود في العنب المشترك بينه وبين الزبيب أو بينهما وبين العصير ، دار الحكم مداره أيضا.
غاية الأمر لا يدور الحكم مدار الإسم ، كالعنب ؛ لأن الموضوع أوسع منه ، فيدور الحكم مدار ما هو القدر المشترك بينه وبين غيره.
نعم ، تبقى دعوى : إنّ ظاهر اللفظ في مثل القضيّة المذكورة ـ أعني : العنب حلال ـ كون الموضوع هو العنوان وتقوّم الحكم به المستلزم لانتفائه بانتفائه. لكنّك عرفت أنّ العناوين مختلفة عند العرف.
إذ قد يكون الموضوع نفس العنوان كما عرفت في النذر حيث لا تبرأ ذمّة من نذر منّا من العنب للفقير بدفع منّا من الزبيب له ، كما لا يحصل الحنث بترك الزبيب.
وقد يكون الموضوع ما هو المشترك بينه وبين عنوان المستحال إليه ، كالموضوع في الحكم بالحلّيّة أو الحرمة.