____________________________________
باتحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة موضوعا وعدمه ، فيجري الاستصحاب على الفرض الأوّل دون الثاني.
فإذا كان الموضوع ـ في قولنا الماء المتغيّر نجس ، وقولنا هذا الماء الزائل تغيّره كان نجسا ـ واحدا بأن يكون الموضوع في القضيّة الاولى المتيقّنة هو نفس الماء الذي زال تغيّره ، كما هو الموضوع في القضيّة الثانية المشكوكة ، يحكم بجريان الاستصحاب فيه ؛ لأن الموضوع واحد وهو نفس الماء المتلبّس بالتغيّر آناً ما ، والشكّ ناشئ عن احتمال مدخليّة التغيّر في بقاء الحكم بالنجاسة ، كما له دخل في حدوث الحكم قطعا.
وإن لم يكن الموضوع فيهما واحدا عند العرف لم يجر الاستصحاب ، لعدم صدق نقض اليقين بالشكّ ـ حينئذ ـ عرفا. وبعبارة اخرى أنّ جريان الاستصحاب تابع لصدق النقض عرفا بمقتضى دليل الاستصحاب الدال على حرمة نقض اليقين بالشكّ ، وصدق النقض يتوقّف على وحدة الموضوع في القضيّتين وهي متحقّقة عرفا فيما إذا لم يكن ما انتفى من بعض قيود الموضوع في ظاهر الدليل مقوّما للموضوع ؛ لأن القيود والأوصاف مختلفة في نظر العرف.
(منها) : ما هو مقوّم للموضوع ، فبعد انتفاء ذلك لا يصدق النقض ، فلا مجال لجريان الاستصحاب فيه.
و (منها) : ما هو غير مقوّم ، فبانتفائه يصدق نقض اليقين بالشكّ على رفع اليد عن الحكم السابق ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه.
نعم ، يأتي هنا توهّم عدم الفرق بين هذا الأمر ـ الثالث ـ وبين الأمر الثاني.
وهو أنّ المتّبع في تعيين مدلول الدليل هو فهم العرف أيضا ، فيكون الميزان في معرفة موضوع الحكم في الحقيقة هو فهم العرف ، فإفراد الأدلّة بالذكر ليس في محلّه.
والجواب عن التوهّم المذكور يمكن بالفرق بين الأمرين ، وحاصل الفرق أنّ المرجع في الأمر السابق هو ما يفهمونه من الدليل بخلاف هذا الأمر ، فإنّ المتّبع فيه هو نظرهم بحسب ما ارتكز في أذهانهم من الملازمة والمناسبة بين الأحكام والموضوعات من دون توسيط مساعدة الدليل ، بل ولو مع دلالته على خلافه ، كما ترى ذلك في خطاب (الكلب