فكلّ مورد يصدق عرفا أنّ هذا كان كذا سابقا ، جرى فيه الاستصحاب ، وإن كان المشار
____________________________________
نجس) (١) ، حيث يكون الموضوع حسب ظاهر الخطاب وفهم العرف منه هو الكلب في حال حياته ، لأنّه اسم لحيوان خاصّ ، ولكن يكون الموضوع بحسب نظرهم هو جسمه ولو في حال الممات.
قال غلام رضا رحمهالله في هذا المقام ما هذا نصّه : يشترط في الرجوع إليهم في المقام أمران :
أحدهما : كون فهمهم الاتحاد بين حالتي الموضوع من محاورتهم وكونهم من اهل اللسان ، لا من حيث كونهم من العقلاء.
والثاني : كون حكمهم منبعثا من دقّة النظر ، كما هو شأنهم في الأمورات المعتنى بها ، كالذهب والفضّة ، حيث يدقّون النظر في مقام وزنهما إلى الشعر فضلا عن الشعير منهما ، لا على وجه المسامحة كما في باب المكيل والموزون من غيرهما ، حيث يطلقون المنّ على الناقص منه أيضا.
والوجه في ذلك أنّ الأحكام الشرعيّة ـ أيضا ـ ممّا هو بمحلّ الاهتمام بشأنها ، فلا بدّ من الدّقة فيها ، ولذا حكموا في باب التراوح بتهيئة العمال والآلات قبل طلوع الشمس لكيلا يتعطّل من اليوم الذي اعتبر النزح فيه شيئا ، وهكذا في باب الكرّ حيث حكموا بنجاسته في صورة نقصانه عن المقدار الشرعي ولو بمثقال.
والذي يدلّ على اعتبار الرجوع إلى العرف في المقام :
أولا : أنّ فهم العرف حجّة في باب الألفاظ إجماعا ، والاستصحاب مستفاد اعتباره من الأخبار فكلّ ما فهمه العرف منها فهو المرجع.
وثانيا : إجماع العلماء ، فإنّه لو لم يكن العرف حجّة في المقام للزم رفع اليد عن أكثر الاستصحابات المجمع عليها ، مع أنّ البينونة في حالتي الموضوع فيها أشدّ من البينونة فيما هو محلّ الكلام ، مثل مسألة نجاسة الماء المتغيّر إذا زال تغيّره من قبل نفسه. انتهى.
وكيف كان ، فكلّ مورد يصدق عرفا أنّ هذا كان كذا سابقا بأن لا يكون ما حصل من التفاوت في جانب الموضوع موجبا لارتفاع الموضوع في نظر العرف ، بل كان هو في
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٢٥ / ٦٤٦ ، ٦٤٧ ، والوسائل ١ : ٢٢٧ ، أبواب الأسآر ، ب ١ ، ح ٤ ، ح ٦.