وأمّا استصحاب الحكم ، فلأنّه كان ثابتا لأمر لا يعلم بقاؤه ، وبقاؤه قائما بهذا الموجود الباقي ليس قياما بنفس ما قام به أوّلا ، حتى يكون إثباته إبقاء ونفيه نقضا.
إذا عرفت ما ذكرنا ، فاعلم أنّه كثيرا ما يقع الشكّ في الحكم من جهة الشكّ في أنّ موضوعه ومحلّه هو الأمر الزائل ولو بزوال قيده المأخوذ في موضوعيّته حتى يكون الحكم مرتفعا ، أو هو الأمر الباقي والزائل ليس موضوعا ولا مأخوذا فيه ، فلو فرض شكّ في الحكم كان من جهة اخرى غير الموضوع ، كما يقال : إنّ حكم النجاسة في الماء المتغيّر موضوعه نفس الماء ، والتغيّر علّة محدثة للحكم فيشكّ في علّيّته للبقاء.
____________________________________
بقوله :
وأمّا استصحاب الحكم ، فلأنّه كان ثابتا لأمر لا يعلم بقاؤه.
فلا يجري حينئذ استصحاب الحكم من جهة عدم إحراز الموضوع مع أنّه شرط لجريان الاستصحاب ، إذ لا نعلم في استصحاب النجاسة في مثال الماء المتغيّر ، بأنّ موضوع النجاسة هو نفس الماء والتغيّر علّة محدثة ، كي يبقى الموضوع ـ بعد زوال التغيّر أو الموضوع ـ هو خصوص الماء المتغيّر ، بأن يكون التغيّر قيدا للموضوع حتى ينتفي الموضوع لانتفائه ، فلا يكون إثبات الحكم للباقي إلّا إثبات الحكم الثابت لموضوع آخر ، فلا يصحّ الاستصحاب. هذا تمام الكلام في الصور الثلاث التي يجري استصحاب بقاء الموضوع في بعضها دون بعضها الآخر.
إذا عرفت ما ذكرنا ، فاعلم أنّه كثيرا ما يقع الشكّ في الحكم من جهة الشكّ في أنّ موضوعه ومحلّه هو الأمر الزائل ولو بزوال قيده المأخوذ في موضوعيّته.
مثل الشكّ في بقاء نجاسة الماء في المثال المتقدّم لاحتمال كون الموضوع هو الماء المتغيّر بالفعل وقد زال.
أو هو الأمر الباقي والزائل ليس موضوعا ولا مأخوذا فيه ، بأن يكون موضوع النجاسة هو نفس الماء ويكون التغيّر علّة محدثة ، فيبقى الموضوع بعد زوال التغيّر.
فلو فرض حينئذ شكّ في الحكم يجري الاستصحاب ؛ لأن الشكّ في الحكم لم يكن من جهة الشكّ في بقاء الموضوع ، كي لا يجري استصحاب الحكم من جهة عدم إحراز الموضوع ، بل يكون الشكّ فيه من جهة اخرى.