أمّا الأوّل ، فلأن أصالة بقاء الموضوع لا تثبت كون هذا الأمر الباقي متصفا بالموضوعيّة إلّا بناء على القول بالأصل المثبت ، كما تقدّم في أصالة بقاء الكرّ ـ المثبتة للكرّيّة ـ المشكوك بقاؤه على الكرّيّة ، وعلى هذا القول فحكم هذا القسم حكم القسم الأوّل. وأمّا أصالة بقاء
____________________________________
وقد أشار إلى حكم الصورة الثالثة بقوله : وعلى الثاني ـ أعني : الثاني من الصورة الثانية التي انقسمت إلى قسمين ، فالقسم الثاني منها هي الصورة الثالثة من الصور الثلاث ـ فلا مجال لاستصحاب الموضوع ولا الحكم.
فلا بدّ من بيان وجه عدم جريان الاستصحاب في كلّ من الموضوع والحكم ، فقد أشار إلى وجه عدم استصحاب الموضوع بقوله :
أمّا الاوّل وحاصل وجه عدم جريان الاستصحاب في الموضوع فيما إذا كان الموضوع مردّدا بين ما هو معلوم البقاء وما هو معلوم الارتفاع على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، هو أنّه إن اريد من استصحاب الموضوع استصحاب كلّي الموضوع المردّد بين الأمرين ، فهو أصل مثبت ؛ لأن النجاسة إنّما تعلّقت بالماء المتغيّر لا بعنوان الموضوع ، كما أنّ الحرمة تعلّقت بعنوان الخمر لا بعنوان الموضوع.
وبعبارة اخرى : إنّ الحكم الشرعي لا يتعلّق أبدا بعنوان الموضوع ، وإنّما يتعلّق بالعناوين الخاصّة ، كالخمر والدم والماء وغيرها. فلا بدّ من أن يراد من استصحاب كلّي الموضوع إثبات لازمه العقلي ـ أعني : كون الماء مثلا موضوعا ـ فيدخل في الأصل المثبت ، كما أشار إليه بقوله :
فلأن أصالة بقاء الموضوع لا تثبت كون هذا الأمر الباقي ، كالماء في مثال الماء المتغيّر متصفا بالموضوعيّة إلّا بناء على القول بالأصل المثبت.
وقد مرّ غير مرّة أنّ الأصل المثبت ليس بحجّة عند المصنف قدسسره ، بل يمكن أن يقال بعدم جريان الاستصحاب في الحكم حتى على القول بالأصل المثبت ، وذلك لما عرفت في القسم الأوّل من القسمين الأخيرين ، من أنّ استصحاب الموضوع يغني عن استصحاب الحكم ، إذ يترتّب الحكم على الموضوع الثابت بالاستصحاب من دون حاجة إلى استصحابه أصلا ، كما أشار إليه بقوله :
وعلى هذا القول فحكم هذا القسم حكم القسم الأوّل.