بيان ذلك : إنّ الشكّ في بقاء الحكم الذي يراد استصحابه ؛ إمّا أن يكون مسبّبا من سبب غير الشكّ في بقاء ذلك الموضوع المشكوك البقاء ، مثل أن يشكّ في عدالة مجتهده مع الشكّ في حياته ، وإمّا أن يكون مسبّبا عنه.
فإن كان الأوّل ، فلا إشكال في استصحاب الموضوع عند الشكّ ، لكنّ استصحاب الحكم
____________________________________
للمحصّلين ، فنقول :
الصورة الاولى : هي ما لم يكن الشكّ في بقاء الحكم الذي يراد استصحابه مسبّبا عن الشكّ في الموضوع المشكوك بقاؤه ، بل كان الشكّ فيه مسبّبا عن سبب آخر ، كالشكّ في عدالة مجتهد مع الشكّ في بقاء حياته ، حيث لا يكون الشكّ في العدالة مسبّبا عن الشكّ في الموضوع ـ أعني : الحياة ـ بل الشكّ في العدالة ناشئ من جهة احتمال عروض الفسق ؛ لأن العدالة إنّما تتصوّر دائما على تقدير الحياة ، فلا معنى لأن يكون الشكّ فيها مسبّبا عن الشكّ في الموضوع ، أعني : الحياة.
والصورة الثانية : هي ما يكون الشكّ في الحكم مسبّبا عن الشكّ في بقاء الموضوع ، وهذه الصورة ترجع إلى صورتين :
الاولى : هي ما يكون الموضوع فيه معلوما معيّنا شكّ في بقائه ، كما إذا علم أنّ الموضوع لنجاسة الماء هو الماء بوصف التغيّر ، ثمّ شكّ في بقاء تغيّر الماء.
الثانية : هي ما يكون الموضوع فيه مردّدا بين أمر معلوم البقاء وآخر معلوم الارتفاع ، كما إذا أصبح الكلب ملحا فشكّ في بقاء النجاسة من جهة تردّد موضوعها بين الكلب بوصف أنّه كلب ، فيكون معلوم الارتفاع ، وبين القدر المشترك بين الكلب وما يستحال إليه من الملح وغيره ، فيكون معلوم البقاء. هذا تمام الكلام في الصور الثلاث.
وأمّا حكمها من حيث جريان الاستصحاب في الحكم والموضوع معا أو جريانه في الموضوع فقط أو عدم جريانه في شيء من الموضوع والحكم ، فهو جريان الاستصحاب في الموضوع والحكم في الصورة الاولى ، وجريانه في الموضوع دون الحكم في الصورة الثانية ، وعدم جريانه في شيء منهما في الصورة الثالثة. وقد أشار إلى جريان الاستصحاب في الموضوع والحكم في الصورة الاولى بقوله :
فإن كان الأوّل ، فلا إشكال في استصحاب الموضوع عند الشكّ.