فإن قلت : إذا كان الموضوع محتمل البقاء ، فيجوز إحرازه في الزمان اللّاحق بالاستصحاب.
قلت : لا مضايقة من جواز استصحابه في بعض الصور ، إلّا أنّه لا ينفع في استصحاب الحكم المحمول عليه.
____________________________________
ارتفاع الحكم بنفسه بسبب ارتفاع موضوعه ، نظير ما تقدّم في قوله تعالى : (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ)(١).
فإنّ إبطال العمل إنّما هو فيما إذا ترك العمل عن اختيار. وامّا إذا شكّ في فقد ما له مدخليّة فيه فرفع اليد عن العمل حينئذ لا يصدق عليه الإبطال ، وذلك لاحتمال بطلان العمل ـ حينئذ ـ بنفسه.
فإن قلت : إذا كان الموضوع محتمل البقاء ، فيجوز إحرازه في الزمان اللّاحق بالاستصحاب ، لأن الاستصحاب كما عرفت في بحث القطع يكون من الاصول المحرزة ، يحرز به الواقع حكما كان أو موضوعا ، كما يحرز بالعلم ، فلا بأس حينئذ من إحراز الموضوع بالاستصحاب عند الشكّ في بقاء الموضوع ، ففي استصحاب قيام زيد عند الشكّ في بقاء نفس زيد يستصحب بقاء زيد أوّلا ، ثمّ قيامه ثانيا. وبالجملة أنّه لا يعتبر العلم ببقاء الموضوع بل يكفي فيه احتمال البقاء.
قلت : لا مضايقة من جواز استصحابه في بعض الصور الثلاث الآتية. وهو ما إذا كان الشكّ في الحكم مسبّبا عن الشكّ في الموضوع بعنوان الشبهة الموضوعيّة ، كالشكّ في بقاء حرمة هذا المائع للشكّ في بقاء خمريّته ، كما في شرح الاعتمادي.
إلّا أنّ استصحاب الموضوع ـ حينئذ ـ يغنينا عن الاستصحاب في الحكم ؛ لأن معنى استصحاب الموضوع هو ترتيب أحكامه عليه ، فيترتّب عليه الحكم من دون حاجة إلى الاستصحاب أصلا ، كما أشار إليه بقوله :
إلّا أنّه لا ينفع في استصحاب الحكم المحمول عليه.
والاولى لنا أن نذكر الصور الثلاث مع حكمها قبل مجيئها في المتن ، كي يكون أسهل
__________________
(١) محمد صلىاللهعليهوآله : ٣٣.