وما في اعتراض بعض المعاصرين ، على من خصّ من القدماء والمتأخّرين استصحاب حال العقل باستصحاب العدم بأنّه لا وجه للتخصيص ، فإنّ حكم العقل المستصحب قد يكون وجوديّا تكليفيّا ـ كاستصحاب تحريم التصرّف في مال الغير ووجوب ردّ الأمانة إذا عرض هناك ما يحتمل معه زوالهما ، كالاضطرار والخوف ـ أو وضعيّا ، كشرطيّة العلم للتكليف إذا عرض ما يوجب الشكّ في بقائها.
ويظهر حال المثالين الأوّلين ممّا ذكرنا سابقا.
____________________________________
بارتفاع النسيان فكيف يستصحب مع القطع بانتفاء الموضوع؟!.
وظهر أيضا الإيراد على ما في اعتراض بعض المعاصرين ، أي : صاحب الفصول قدسسره على من خصّ من القدماء والمتأخّرين استصحاب حال العقل باستصحاب العدم.
فلا بدّ أوّلا من بيان الاعتراض ثمّ بيان الإيراد عليه وعدم وروده على من خصّ استصحاب حال العقل باستصحاب العدم.
أمّا الاعتراض فقد أشار إليه بقوله :
بأنّه لا وجه للتخصيص ، فإنّ حكم العقل المستصحب قد يكون وجوديّا تكليفيّا ، كاستصحاب تحريم التصرّف في مال الغير ... إلى آخره.
وحاصل الاعتراض أنّ الأصحاب قسّموا الاستصحاب إلى ؛ استصحاب حال الشرع واستصحاب حال العقل ، ثمّ ذكروا لاستصحاب حال العقل مثالين ، كاستصحاب عدم التكليف قبل الشرع أو قبل البلوغ.
فاعترض عليهم صاحب الفصول بأنّ الأحكام العقليّة لا تنحصر فيما ذكروه من المثالين ، بل قد يكون حكم العقل المستصحب أمرا وجوديّا ، كما في المتن ، فلا وجه لانحصار استصحاب حال العقل بالمثالين.
وأمّا وجه عدم ورود هذا الاعتراض على الأصحاب ، فقد ظهر ممّا ذكره المصنّف من عدم جريان الاستصحاب في الحكم العقلي أصلا ، ومرادهم من استصحاب حال العقل ليس استصحاب حكم العقل ، بل هو استصحاب الحكم الشرعي الوارد في مورد حكم العقل ، ثمّ الموجود من الحكم الشرعي الوارد في مورد حكم العقل هو الحكم الشرعي العدمي ، دون الوجودي ، فيكون حينئذ لما ذكروه من اختصاص المثال بالعدمي وجه.