ثمّ ما ذكره من الأمثلة خارج عن مسألة تخصيص الاستصحاب للعمومات ، لأن الاصول المذكورة بالنسبة إلى الاستصحاب ليست من قبيل العامّ بالنسبة إلى الخاصّ ، كما سيجيء في تعارض الاستصحاب مع غيره من الاصول. نعم ، لو فرض الاستناد في أصالة الحلّيّة إلى عموم حلّ الطيّبات وحلّ الانتفاع بما في الأرض ، كان استصحاب حرمة العصير في المثالين الآخرين مثالا لمطلبه ، دون المثال الأوّل ، لأنه من قبيل الشكّ في موضوع الحكم
____________________________________
إسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر.
ومورد جريان الاستصحاب وهو ما إذا فرض كون عموم الزمان فيه استمراريا ، على ما في شرح الاعتمادي ، لا يرجع إلى العموم ولو لم يكن استصحاب ، وذلك لعدم لزوم التخصيص الزائد حتى ينفى عند الشكّ بأصالة العموم.
والمتحصّل من الجميع أنّه ليس في موارد الشكّ في بقاء حكم المخصّص مورد يصحّ فيه التمسّك بالعامّ والتمسّك بالاستصحاب ، حتى يتعارضان ويبحث في تقديم أحدهما على الآخر.
ثمّ ما ذكره من الأمثلة داخل في مسألة حكومة الاستصحاب على سائر الاصول ، كما في شرح الاعتمادي وخارج عن مسألة تخصيص الاستصحاب للعمومات ، لأن الاصول المذكورة.
أعني : أصالة البراءة والحلّيّة ، والطهارة بالنسبة إلى الاستصحاب ليست من قبيل العامّ بالنسبة إلى الخاصّ كي يكون الاستصحاب مخصّصا لها ، بل تقدّم الاستصحاب عليها يكون من باب الحكومة إن كانت تلك الاصول شرعيّة أو الورود إن كانت عقليّة ، كما سيأتي في باب تعارض الاستصحاب مع غيره من الاصول.
نعم ، لو فرض الاستناد في أصالة الحلّيّة إلى عموم حلّ الطيّبات وحلّ الانتفاع بما في الأرض ، كقوله تعالى : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً)(١) كان استصحاب حرمة العصير في المثالين الآخرين.
أعني : مثال كون التحديد تحقيقيّا أو تقريبيّا ، ومثال صيرورة العصير دبسا مثالا لمطلبه
__________________
(١) البقرة : ٢٩.