وإن أراد بيان أنّ مدّعي ارتفاع الشريعة السابقة ونسخها محتاج إلى الاستدلال ، فهو غلط ، لأن مدّعي البقاء في مثل المسألة ـ أيضا ـ يحتاج إلى الاستدلال عليه.
الثاني : أنّ اعتبار الاستصحاب إن كان من باب الأخبار ، فلا ينفع الكتابيّ التمسّك به ، لأن ثبوته في شرعنا مانع عن استصحاب النبوّة ، وثبوته في شرعهم غير معلوم.
نعم ، لو ثبت ذلك من شريعتهم أمكن التمسّك به ، لصيرورته حكما إلهيّا غير منسوخ يجب تعبّد الفريقين به.
____________________________________
الاستصحاب دليلا إلزاميّا وإسكاتيا.
ومن هنا يعلم أنّ الاستصحاب لا يمكن أن يكون دليلا برهانيا ، وذلك لعدم كونه مقبولا عند المسلم ، فلا يكون إرشاديا أيضا ، وبقي احتمال آخر وهو أنّ مقصود الكتابي من الاستدلال بالاستصحاب هو مجرّد بيان موافقة قوله للأصل حتى يكون منكرا ، ومخالفة قول المسلم للأصل حتى يكون مدّعيا وعلى المدّعي الإثبات ، كما أشار إليه بقوله :
وإن أراد بيان أنّ مدّعي ارتفاع الشريعة السابقة ونسخها محتاج إلى الاستدلال ، فهو غلط ، وذلك لأن مدّعي البقاء في مثل هذه المسألة التي هي من أركان اصول الدين أيضا يحتاج إلى الاستدلال ، فالحاجة إلى الاستدلال غير مختصّة بالمسلم ، بل الكتابي أيضا يحتاج اليه.
الثاني : من الوجوه الباقية ، والسادس من جميع الأجوبة عن استصحاب الكتابي هو :
أنّ اعتبار الاستصحاب إن كان من باب الأخبار ، فلا ينفع الكتابيّ التمسك به ، لأن ثبوته في شرعنا مانع عن استصحاب النبوّة في الشريعة السابقة ، وذلك فإنّ أخذه من شرعنا اعتراف بحقيّته ومعه كيف تستصحب الشريعة والنبوّة؟!.
وثبوته في شرعهم غير معلوم فكيف يستدلّ به؟.
نعم ، لو ثبت ذلك من شريعتهم أمكن التمسّك به ، لصيرورته حكما إلهيّا غير منسوخ يجب تعبّد الفريقين به.
أي : يجب تمسّك الفريقين بالاستصحاب لكونه حكما إلهيّا غير منسوخ على الفرض ، إلّا أن يقال بأنّ التمسّك بالاستصحاب مستلزم للدور ؛ وذلك فإنّ إثبات عدم منسوخيّة