فليس ما وقع الكلام في استمراره أمرا ثالثا يتردّد بين إلحاقه بالغالب وإلحاقه بالنادر ، بل يشكّ في أنّه الفرد النادر أو النادر غيره ، فيكون هذا ملحقا بالغالب.
____________________________________
وأمّا ثانيا : فلأن غلبة التحديد في النبوّات غير مجدية.
أي : غلبة التحديد في مسألة النبوّة لا توجب الظنّ بلحوق ما هو المشكوك بالأفراد الغالبة المحدودة ، حتى يجري على المشكوك ما يجري على الأفراد الغالبة من الحكم بقاعدة إلحاق الفرد المشكوك على الغالب في الحكم ، وذلك لعدم جريان هذه القاعدة في مسألة النبوّة ، كما أشار إليه بقوله :
للقطع بكون إحداهما وهي الأخيرة مستمرّة.
وحاصل الكلام على ما في بحر الفوائد وشرح الاعتمادي ، هو أنّ المشكوك في باب الغلبة قد يكون أمرا ثالثا مردّدا بين اللحوق بالغالب واللحوق بالنادر ، فتجري قاعدة إلحاق الفرد المشكوك بالغالب ، فيظنّ بلحوقه بالغالب ، كما إذا كان أكثر أهل السوق مسلمين والنادر منهم كافرا ، ثمّ شكّ في رجل بأنّه من أيّ الفريقين ، فتجري القاعدة فيظنّ منها بلحوقه بالمسلمين.
وقد يتردّد المشكوك بين لحوقه بالغالب وبين كونه عين النادر ، فلا تجري هنا قاعدة إلحاق المشكوك بالغالب ، وذلك لعدم وجود النادر ، فلا يظنّ بلحوق المشكوك بالغالب كما فيما نحن فيه ، فإنّ أغلب النبوّات محدودة ومنسوخة وواحدة منها ناسخة للكلّ ومستمرّة إلى يوم القيامة ، فنبوّة موسى عليهالسلام مثلا يحتمل كونها من النبوّات الغالبة المحدودة ، ويحتمل كونها عين النبوّة المستمرّة ، فلا يظنّ بلحوقها بالغالب لخروج المشكوك ـ حينئذ ـ عن مورد القاعدة ، كما أشار إليه بقوله :
فليس ما وقع الكلام في استمراره أمرا ثالثا يتردّد بين إلحاقه بالغالب وإلحاقه بالنادر ، بل يشكّ في أنّه عين الفرد النادر أو النادر غيره حتى يكون هذا ملحقا بالغالب ، كما قال : فيكون هذا ملحقا بالغالب.
والحاصل أنّ مورد القاعدة هو ما إذا كانت الاحتمالات ثلاثية ـ أعني : الغالب ، والنادر ، والمشكوك ـ وكان النادر متعدّدا حتى يكون المشكوك قابلا للّحوق بكلّ واحد من الغالب والنادر.