وأمّا ثالثا : فلأن ما ذكره من حصول الظنّ بإرادة الاستمرار من الإطلاق ، لو تمّ يكون دليلا اجتهاديّا مغنيا عن التمسّك بالاستصحاب. فإنّ التحقيق : أنّ الشكّ في نسخ الحكم
____________________________________
خلال هذه المدّة شكّ في الرفع بحرق أو غرق أو مرض ، لا في انتهاء الاستعداد.
وكذا يتمّ في الأحكام الشرعيّة الجزئيّة كالشكّ في بقاء حرمة هذا المائع للشكّ في بقاء خمريّته ، فإنّه شكّ في الرفع بانتفاء الموضوع ، لا في انتهاء استعداد الحرمة للبقاء مع بقاء الموضوع.
ولا يتمّ في الأحكام الشرعيّة الكليّة ، لأنها ترتفع بتمام استعدادها ، فالطهارة مثلا إنّما تستعدّ للبقاء إلى حصول الحدث ، لا أنّ الحدث يرفعها مع استعدادها للاستمرار.
وكذا النسخ ، فإنّه في الحقيقة ليس رفعا للحكم مع استعداده للاستمرار ، بل الحكم ينقرض عنده ، وحينئذ فكلّما شكّ في بقاء الحكم ـ كالشكّ في بقاء الطهارة بعد المذي ، أو في بقاء نجاسة الماء بعد زوال التغيّر ، أو في بقاء الخيار بعد مضيّ أوّل زمن العلم بالعيب ، أو في بقاء الحكم بعد احتمال النسخ ـ فهو في الحقيقة شكّ في المقتضي.
والاستعداد ، نظير الحيوان المردّد الذي صرّح القمّي رحمهالله بعدم جريان الاستصحاب فيه ، ولازم ذلك عدم جريان الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة الكليّة ، واختصاصه في الموضوعات الخارجيّة والأحكام الشرعيّة الجزئيّة ، مع أنّ المحقّق القمّي رحمهالله يقول بجريان الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة الكلّيّة.
إلّا أن يقال : بأنّ ما ذكره القمّي رحمهالله من اشتراط إحراز الاستعداد وإن كان مستلزما لاختصاص الاستصحاب في الشكّ في الرفع ، إلّا أنّ مراده بالرفع أعمّ من الرفع المصطلح والرفع بمقتضى ظاهر الدليل ، فيكون الشكّ في بقاء الأحكام الكلّيّة من جهة الرفع بحسب ظاهر الدليل ، فيصحّ الاستصحاب فيها.
وأمّا ثالثا ، فلأن ما ذكره من حصول الظنّ بإرادة الاستمرار من الإطلاق ، لو تمّ يكون دليلا اجتهاديّا مغنيا عن التمسّك بالاستصحاب.
وحاصل الكلام على ما في شرح الاعتمادي ، هو أنّ المحقّق القمّي رحمهالله لمّا منع عن استصحاب النبوّة ـ لكونه فاقدا لما اعتبره في الاستصحاب من إحراز استعداد المستصحب ـ أورد عليه المصنف قدسسره بالنقض باستصحاب الأحكام لفقد الشرط المذكور