وعليه فكيف يمكن أن نتقي جمع الأصهب والسفياني والشذاذ من آل محمّد وهم الذين يظهرون للناس تارة باسم السيّد الحسني أو الخراساني ، وأخرى باسم شعيب بن صالح وثالثة باسم اليماني وبغير ذلك من علامات الظهور الأخرى المقدّسة؟ وهل يمكن النجاة من السقوط في تيار رايات الضلال في آخر الزمان ، من دون معرفة مسبقة بعلاماتها وأوصافها والظروف التاريخية لظهورها كما تحدثنا أخبار العلامات (١)؟
وكيف يمكن أن نتقي من الاثني عشر راية ضلال متسترة بالدين ونفرّق بينها وبين راية الإمام المهدي عليهالسلام من دون أن نتعرّف على جميع علاماته قبل ظهوره؟ وكيف نميز رايات الضلال من رايات الهدى التي تخرج قبل ظهوره إذا لم نستوعب أوصافها ودلائلها المذكورة في أخبار العلامات قبل تحققها؟
٣ ـ إن وجود صحيح وسقيم في أخبار الظهور لا يلغي دور العلامات ودراسة مضامينها طبقا للموازين العلمية ، مما يضفي على المدقق فيها والمتتبع لها رونقا فكريا سليما يجعله يعيش حالة الانتظار لإمام زمانه عليهالسلام بكل كيانه ووجوده ، مستغرقا في الاستطلاع على خصوصيات أفعال إمامه وما يتعلق به وبحركة ظهوره مما يستلزم أن يكون مشاركا ومساهما بالعلم والعمل في بناء الهيكلية العقائدية الصحيحة تمهيدا ليوم الظهور المبارك.
فإطلاق الدعوى بعدم جدوى البحث في علامات الظهور ما دام لم يعد ثمة مجال للاستفادة من الأخبار إلّا بعد وقوع الحدث ، ينسف ما تستهدفه تلك الأخبار من وجوب إقامة الحجّة على المجتمع البشري وإنذاره بقرب يوم الخلاص العالمي ، بالإضافة إلى ما تستهدفه تلك الأخبار من إيقاظ الأمة من سباتها العميق وغفوتها الطويلة ، لإعدادها فكريا وروحيا وسياسيا لاستقبال قائدها المرتقب لتشارك بقيادته في صنع مستقبل البشرية الزاهر في ظل رسالة العدل الإلهي.
__________________
(١) مبادي الثقافة المهدوية ص ١٤٢.