إن الآية ١١٣ من سورة التوبة نزلت على رسول الله في السنة التاسعة للهجرة على ما هو المشهور بين المحدثين والمفسرين ، بل إن بعض (١) المفسرين يرى أنها نزلت آخر ما نزلت من القرآن ، مع أن مشهور (٢) المؤرخين ينص على أن وفاة أبي طالب كان في السنة العاشرة للبعثة.
قال ابن إسحاق :
«إن خديجة بنت خويلد وأبا طالب هلكا في عام واحد ، فتتابعت على رسول الله المصائب بهلك خديجة ، وكانت له وزير صدق على الإسلام يشكو إليها ، وبهلك عمّه أبي طالب ، وكان له عضدا وحرزا في أمره ، ومنعة وناصرا على قومه ، وذلك قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين ، فلما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب ، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش فنثر على رأسه ترابا» (٣).
٣ ـ إن الله تعالى نهى المسلمين عن مودة الكفار في آيات عدة نزلت قبل سورة التوبة وقبل موت أبي طالب كما في قوله تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) (٤). وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) (٥).
ونحن نعلم أن الاستغفار من أظهر مصاديق المودة والمحبّة للكافر ، وقد نهى الله عن مودتهم في الآيات المتقدّمة وغيرها ، فكيف يمكن ـ والحال هذه ـ أن
__________________
(١) صحيح البخاري ج ٧ / ٦٧ في آخر سورة النساء ، الكشاف ج ٢ / ٤٩ وتفسير القرطبي ، والاتقان ، وتفسير الشوكاني.
(٢) الكامل في التاريخ ج ٢ / ٩٠ ، سيرة ابن هشام ج ٢ / ٥٧.
(٣) سيرة ابن هشام ج ٢ / ٥٧ ، والكامل في التاريخ ج ٢ / ٩٠.
(٤) سورة المجادلة : ٢٢ قال في الاتقان ج ١ / ١١ انّها نزلت قبل التوبة بسبع سور.
(٥) سورة النساء : ١٤٤.