(هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) (١) فدعاهم إلى العقد عليهم لبناته وهم كفّار ضلّال قد أذن الله تعالى في هلاكهم.
وقد زوّج رسول الله ابنتيه قبل البعثة كافرين كانا يعبدان الأصنام ، أحدهما : عتبة بن أبي لهب ، والآخر : أبو العاص بن الربيع.
فلما بعث صلىاللهعليهوآلهوسلم فرّق بينهما وبين ابنتيه ، فمات عتبة على الكفر ، وأسلم أبو العاص بعد إبانة الإسلام ، فردّها عليه بالنكاح الأول.
ولم يكن صلىاللهعليهوآلهوسلم في حال من الأحوال مواليا لأهل الكفر وقد زوّج من تبرّأ من دينه ، وهو معاد له في الله عزوجل.
وهاتان البنتان هما اللتان تزوجهما عثمان بن عفّان بعد هلاك عتبة وموت أبي العاص ، وإنما زوّجه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على ظاهر الإسلام ، ثم إنه تغيّر بعد ذلك ، ولم يكن على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تبعة فيما يحدث في العاقبة ، هذا على قول بعض أصحابنا.
وعلى قول فريق آخر : أنه زوّجه على الظاهر ، وكان باطنه مستورا عنه ، وليس بمنكر أن يستر الله عن نبيه نفاق كثير من المنافقين وقد قال سبحانه (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ) (٢) فلا ينكر أن يكون في أهل مكة كذلك ، والنكاح على الظاهر دون الباطن على ما بيّناه» (٣).
يرد عليه :
إن عرض لوط عليهالسلام لبناته على قومه يعتبر حكما اضطراريا وعنوانا ثانويا دفعا لفاحشة اللواط التي كانت سائدة يوم ذاك في قومه ، فقياسها على تزويج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لبناته من كافرين مع الفارق ، هو أنه لا يوجد عنوان اضطراري حتى يلجأ النبيّ ليزوّج ابنتيه منهما.
__________________
(١) سورة هود : ٧٨.
(٢) سورة التوبة : ١٠١.
(٣) المسائل السروية / المسألة العاشرة.