الخامس : أن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب ، وربما عمي النظر إليها لضعف الباصرة عن الإحاطة بها ، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربما يكون ظهوره أضرّ لبصائرهم ، ويكون سببا لعماهم عن الحق ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته ، كما ينظر الإنسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرر بذلك.
السادس : أن الشمس قد تخرج من السحاب وينظر إليها واحد دون آخر فكذلك يمكن أن يظهر عليهالسلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع : أنهم عليهمالسلام كالشمس في عموم النفع ، وإنما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسّر به في الأخبار قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً)(١).
الثامن : أن الشمس كما أن شعاعها يدخل البيوت ، بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع ، فكذلك الخلق إنما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسّهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية ، والعلائق الجسمانية ، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب (٢).
تساؤل :
قلتم إن الإمام المهديّ عليهالسلام موجود ، ووجوده لطف ، فلم لا يظهر فيعم لطفه العالمين؟
قلنا : صحيح أن وجوده لطف ، وتصرّفه ظاهرا لطف آخر ، لكنّه لا يظهر لأنه يخاف على شيعته وعلى نفسه القتل ، بمعنى لو ظهر قبل تحقق أوان الظهور لكان
__________________
(١) سورة الإسراء : ٧٢.
(٢) بحار الأنوار ج ٥٢ / ٩٣ ـ ٩٤.