وتقديم من أخّر الله وتأخير من قدّم الله ، وكل شكواها كانت تنحصر في هذين الأمرين وكذلك كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام بعد دفنها ، وتهيج أشجانه وبلابل صدره لفراقها ذلك الفراق المؤلم ، حيث توجّه إلى قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قائلا : السلام عليك يا رسول الله عنّي وعن ابنتك النازلة في جوارك .. إلى آخر كلماته التي ينصدع لها الصخر الأصم لو وعاها ، وليس فيها إشارة إلى الضرب واللطم ولكنه الظلم الفظيع والامتهان الذريع ، ولو كان شيء من ذلك لأشار إليه سلام الله عليه ، لأن الأمر يقتضي ذكره ولا يقبل ستره ، ودعوى أنها أخفته عنه ساقطة بأن ضربة الوجه ولطمة العين لا يمكن إخفاؤها.
أما قضية قنفذ وأنّ الرجل لم يصادر أمواله كما صنع مع سائر ولاته وأمرائه وقول الإمامعليهالسلام أنه شكر له ضربته فلا أمنع من أنه ضربها بسوطه من وراء الرداء وإنما الذي أستبعده أو أمنعه هو لطمة الوجه وقنفذ ليس ممّن يخشى العار لو ضربها من وراء الثياب أو على عضدها. وبالجملة فإنّ وجه الزهراء هو وجه الله المصون الذي لا يهان ولا يهون ويغشى نوره العيون ، فسلام الله عليك يا أمّ الأئمة الأطهار ما أظلم الليل وأضاء النهار ، وجعلنا الله من شيعتك الأبرار ، وحشرنا معك ومع أبيك وبنيك في دار القرار (١).
وقال لثاني :
«أنا من الأساس لم أقل إنه لم يكسر ضلع الزهراء عليهاالسلام ، وكل من ينسب إلي ذلك فهو كاذب ، أنا استبعدت الموضوع استبعادا ، رسمت علامة استفهام على أساس التحليل التاريخي ، قلت : أنا لا أتفاعل مع هذا ، لأن محبة المسلمين للزهراء عليهاالسلام كانت أكثر من محبتهم لعليّ وأكثر من محبتهم للحسن والحسين وفوقها محبتهم لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قلت إنه من المستبعد أن يقدم أحد على فعل ذلك ، مع الإقرار بوجود نوايا
__________________
(١) جنّة المأوى ص ٧٨ ـ ٨٦.