لقد أحضره الملك للسؤال والجواب ، ولتمييز الحق من الباطل ، ولهذا استجمع قواه ورفع رأسه وقال :
وكيف تقول أيّها العلوي أنّ عثمان لم يكن مؤمنا في قلبه ، وقد زوّجه الرسول ابنتيه رقيّة وأم كلثوم؟ (١).
____________________________________
(١) زواج رقيّة وأم كلثوم من عثمان بن عفّان من المشهورات في التاريخ الإسلامي عند الخاصة والعامة ، وربّ مشهور لا أساس له ، سيّما وأن الذين قالوا بصحة هذا الزواج أناس انتشر صيتهم ، وعرفوا بالتحقيق في فترة زمنية قل فيها العلماء المتخصصون ، والناس عادة مع ما شاع واشتهر وإن كان خطأ ، فيرسلونه إرسال المسلمات.
ومنشأ الاعتقاد بهذا الزواج هو وجود روايتين تدلان على ذلك رواهما صاحب البحار (١) نقلا عن قرب الإسناد والخصال ، وهما ـ وبالغض عن سنديهما ـ موافقان للعامة القائلين بزواج تينك المرأتين من عثمان بن عفان الذي أصبغوا عليه لقب «ذو النورين» في حين لم يصبغوه على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام الذي اقترن بأفضل امرأة عرفتها البشرية منذ آدم إلى ولادتها بل إلى يوم البعث ، مع اعتراف العامة أن الصدّيقة سيّدة نساء العالمين ، وأصبغ عليها ألقابا لم يصبغها على أية امرأة في العالم ، كالزهراء والطاهرة وتفاحة الفردوس ومهجة فؤاد المصطفى وأم أبيها الخ ..
والشيخ المفيد ممن اعتقدوا بصحة هذا الزواج ، معتمدا ـ بحسب دعواه ـ على أن الزواج كان على ظاهر الإسلام ، فقال :
«وليس ذلك بأعجب من قول لوط عليهالسلام ـ كما حكى الله تعالى عنه ـ
__________________
(١) بحار الأنوار ج ٢٢ / ١٥١.