إذا كان هذا مراده فأية فائدة في الإخبار عن ذلك ، ومن أين علم صاحب التأويل المتقدّم بأن مرادة صلىاللهعليهوآلهوسلم الإخبار بإمارة اثني عشر من بني أميّة وبني العبّاس ، ومن أين علم أيضا أنه إشارة إلى من بعد الصحابة؟ فلم لم يقل (يكون بعد الصحابة)؟ وقال (يكون بعدي) وإذا وصل الأمر إلى اقتراح مثل هذا الاحتمال لصرف الكلام عن ظاهره حذرا عن إثبات مذهب أهل الحق فلا اختصاص حينئذ لكثرة الاحتمالات الطارئة ، فيحتمل أن يكون إشارة إلى من بعد عبد الملك وكان مراده (من بعدي) بعد عبد الملك ويحتمل أن يكون إشارة إلى من بعد هشام ، ويحتمل أن يكون ستة منهم من بعد يزيد بن عبد الملك وستة منهم من بني العبّاس ، ويحتمل أن يكون المراد بعد بني أميّة ، كما يحتمل أن يكون إشارة إلى من بعد السفّاح أو المنصور أو غيرهما من بين العبّاس ، ويكون بعضهم من الأمويين الذين ملكوا الأندلس ، وبعضهم من الفاطميين الذين حكموا مصر ، إذ لا مرجّح للاحتمال الأول على واحد من هذه الاحتمالات. هذا مضافا إلى أنه كيف يكون الحديث صادرا على غير سبيل المدح مع ما في بعض طرقه من العبارات الصريحة في المدح ، وكيف يصح تنزيل هؤلاء الجبابرة الفجرة منزلة نقباء بني إسرائيل وحواري عيس في هذه الروايات الكثيرة ، مع دلالة هذه الروايات على انحصار الخلفاء في الاثني عشر.
التأويل الثاني :
المراد من الاثني عشر خليفة هم الذين يأتون بعد وفاة الحجّة المهديّ المنتظر عليهالسلام.
يرد عليه :
(١) إنّ هذا مخالف لبعض هذه الأحاديث مثل قوله (بعدي اثنا عشر خليفة) وقوله (لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا ، ولا يزال أمر الناس ماضيا) مما يدل على اتصال زمانهم بزمان النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم واستمرار وجودهم إلى آخر الدهر وانحصار