وصدق الرسول إذ يقول : «من عمل بالمقائيس فقد هلك وأهلك ..» (١) وقال تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (٢).
٢ ـ قد دلت القرائن والشواهد على بطلان ما ذكر :
أ ـ كان بمقدور الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أن يرفض طلب عمر للزواج من أم كلثوم رضي الله عنها بحجة أن ابنته كارهة له ، والإكراه على الزواج مبطل له ، ولا يجوز في شريعة محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا يمكن لعمر أن يصرّ حينئذ على الزواج منها ، لأنه لو فعل لكان ذلك حجة للإمام عليهالسلام على عمر بن الخطّاب أمام جموع المسلمين ، ولا يمكن لعمر ـ لو فعل الإمام عليهالسلام ما قلنا ـ أن يخالف إرادة الله ورسوله ـ ظاهرا ـ أمام المسلمين.
ب ـ كما أن أمّ كلثوم بنت أبي بكر رفضت الزواج من عمر ، وكذا غيرها ، كان يمكن لأمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين أن ترفض ويحتج حينئذ والدها على عمر بذلك ، ولمّا ذلك لم يحصل علمنا أن القضية لفّقها بنو أمية ، لينسبوا فضيلة مصاهرة عمر للإمام عليّ عليهالسلام ، فيحرفوا وجهة الخلاف بينه وبينه عليهالسلام ، حتى لا يقال أن عمر غصب الخلافة ، ولو كان الإمام غاضبا عليه كيف يزوّجه ابنته؟
قال ابن الأثير :
«وخطب أم كلثوم ابنة أبي بكر الصدّيق إلى عائشة ، فقالت أمّ كلثوم : لا حاجة لي فيه ، إنه خشن العيش شديد على النساء ، فأرسلت عائشة إلى عمرو ابن العاص ، فقال : أنا أكفيك ، فأتى عمر فقال : بلغني خبر أعيذك بالله منه ، قال : ما هو؟
قال : خطبت أمّ كلثوم بنت أبي بكر؟ قال : نعم ، أفرغبت بي عنها أم رغبت بها عني؟ قال : ولا واحدة ، ولكنّها حدثة نشأت تحت كنف أمير المؤمنين في لين ورفق ، وفيك غلظة ، ونحن نهابك وما نقدر أن نردّك عن خلق من أخلاقك ، فكيف
__________________
(١) أصول الكافي ج ١ / ٤٣ ح ٩.
(٢) سورة يونس : ٣٩.