يرحل أبو طالب من الدنيا ، ويقسم النبيّ بأنه سيستغفر له حتى ينهاه الله تعالى عن ذلك؟
إن إلقاء نظرة على أسباب نزول الآية ١١٣ من سورة التوبة ، يدفع ما ظنه العامة بشأن طلب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الاستغفار للمشركين ، فقد ورد في أسباب نزولها : أن جماعة من المسلمين كانوا يقولون للرسول محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : ألا تستغفر لآبائنا الذين ماتوا في الجاهلية؟ فنزلت الآية ونظيرها تنذرهم بأن لا حق لأحد أن يستغفر للمشركين حتى لو كان المستغفر هو رسول الله.
الشهبة الثالثة :
استدل المنكرون (١) لإيمان أبي طالب عليهالسلام بقوله تعالى : (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (٢).
بدعوى أن هناك فريقا من المكّيين المدافعين عن رسول الله ، ولكنّهم في الوقت نفسه يبتعدون عنه.
وبعبارة أخرى : إن الآية المباركة ـ بنظر هؤلاء ـ نزلت بأبي طالب الذي كان ينهى الناس عن أذى الرسول ، وينأى عن أن يدخل في الإسلام.
يورد عليه :
١ ـ إن هذه الآية ليست صريحة في المدّعى ، بمعنى أنها ليست نصا قطعيا للدلالة على دعواهم هذه ، بل هي مجملة من حيث التطبيق على سيّد البطحاء أبي طالب ، فلا بدّ من الرجوع ـ في حال وجود إجمال في آية ما ـ إلى النصوص التي توضّح المراد ، وقد دلت ـ أي النصوص الصحيحة ـ على عكس ما يدّعون ، فقد ذكر الطبرسي عن ابن عبّاس ومحمّد ابن الحنفية والحسن والسدي وقتادة ومجاهد
__________________
(١) أمثال العسقلاني في الإصابة ج ٤ / ١١٥ وتفسير ابن كثير ج ٢ / ١٢٧ وتفسير الخازن ج ٢ / ١١ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٢ / ٣٤٠.
(٢) سورة الأنعام : ٢٦.