هاشم لما استشهدت سيّدة النساء فاطمة عليهاالسلام بل «نقل إلى مولانا عليّ عليهالسلام عنها كلام يدل على السرور» (١).
والحسد أعظم سبب أدّى إلى إظهار ضغينتها على آل البيت ، فاستلزم إنكار خلافة الإمام عليّ عليهالسلام لذا قال عليهالسلام بما ذكرناه سابقا : «ولو دعيت لتنال من غيري مثل ما أتت إليّ لم تفعل» أي : لو أن عمر ولي الخلافة بعد قتل عثمان على الوجه الذي قتل عليه ، والوجه الذي أنا وليت الخلافة عليه ، ونسب إلى عمر أنه كان يؤثر قتله ، أو يحرّض عليه ـ ودعيت عائشة إلى أن تخرج عليه من عصابة من المسلمين إلى بعض بلاد الإسلام ، تثير فتنة وتنقض البيعة ـ لم تفعل ، وهذا حق ، لأنها لم تكن تجد على عمر ما تجده على الإمام عليّ عليهالسلام ، وحال الإمام ليس كحال عمر.
لكنها جمعت الجيوش على مولى الثّقلين الذي حربه حرب الله ، مع أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تفرّس بها يوما بمحضر من نسائه ، فقال : «ليت شعري أيّتكنّ صاحبة الجمل الأدبب (٢) ، تنبحها كلاب الحوأب ، يقتل عن يمينها وشمالها قتلى كثيرة ، كلّهم في النار وتنجو بعد ما كادت» (٣).
لذا لمّا وصلت إلى الحوأب وهي منطقة قبل البصرة وهو ماء لبني عامر بن صعصعة ، نبحتها الكلاب ، فنفرت صعاب إبلها ومعها طلحة والزبير ، فقال قائل منهم : لعن الله الحوأب فما أكثر كلابها! بكت وقالت : أهذا ماء الحوأب؟ قالوا : نعم ، قالت : ردّوني ردّوني ، فسألوها ما شأنها؟ ما بدا لها؟ فقالت : إني سمعت رسول الله يقول : كأني بكلاب ماء يدعى الحوأب ، قد نبحت بعض نسائي ، ثم قال لي : «إياك يا حميراء أن تكونيها» فقال لها الزبير : مهلا يرحمك الله فإنا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ كثيرة ، فقالت : أعندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست
__________________
(١) شرح النهج / ابن أبي الحديد ج ٩ / ١٣٤.
(٢) الجمل الأدبب : الكثير شعر الوجه.
(٣) شرح النهج ج ٩ / ٢٠٤ ، والإمامة والسياسة ج ١ / ٨٢ والبداية والنهاية / ابن كثير ج ٧ / ١٨٥.