أولا : بأن خبر الإحراق قد رواه غير الشيعة ممن لا يتّهم على القوم ، وأن دفع الروايات من غير حجة لا يجدي شيئا ، فروى البلاذريّ وحاله في الثقة عند العامة والبعد عن مقاربة الشيعة ، والضبط لما يرويه معروفة ، عن المدائني عن سلمة بن محارب عن سليمان التيمي عن ابن عون : أن أبا بكر أرسل إلى عليّ عليهالسلام يريده على البيعة فلم يبايع ، فجاء عمر ومعه قبس فلقيته فاطمةعليهاالسلام على الباب ، فقالت : يا ابن الخطاب أتراك محرقا عليّ داري؟ قال : نعم وذلك أقوى فيما جاء به أبوك ..
وهذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة ، وإنما الطريف أن يرويه شيوخ محدّثي العامة.
وروى إبراهيم بن سعيد الثقفي بإسناده عن جعفر بن محمّد عليهماالسلام قال : والله ما بايع عليّعليهالسلام حتى رأى الدخان قد دخل بيته.
ثانيا : بأن من اعتذر به من حديث الإحراق إذا صحّ ، طريف وأيّ عذر لمن أراد أن يحرق على أمير المؤمنين وفاطمة عليهماالسلام منزلهما ، وهل يكون في ذلك علّة تصغى إليه ، وإنما يكون مخالفا للمسلمين ، وخارقا لإجماعهم ، إذا كان الإجماع قد تقرّر وثبت ، وإنما يصحّ لهم الإجماع متى كان أمير المؤمنين ومن قعد معه عن البيعة ممن انحاز إلى بيت فاطمة عليهاالسلام داخلا فيه وغير خارج عنه ، وأيّ إجماع يصح من خلاف أمير المؤمنين عليهالسلام وحده فضلا عن أن يتابعه غيره ، وهذه زلته من صاحب الكتاب ـ أي كتاب المغني ـ وممن حكى احتجاجه (١).
ثالثا : إن التهديد بإحراق الدار من أجل البيعة غير جائز عقلا ونقلا :
أمّا عقلا : فلأن المبايعة قهرا توجب كبت الحريات وقمع الأفكار ، وتقديم المفضول على الأفضل وهو قبيح. وأمّا شرعا : فلأن أبا بكر ليس منصوصا عليه ،
__________________
(١) الشافي ج ٤ / ١١٩ ـ ١٢٠ وبحار الأنوار ج ٢٨ / ٣١١.