«هذا ما اصطلح عليه محمّد بن عبد الله والملأ من قريش وسهيل بن عمرو ، واصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين على أن يكف بعض عن بعض ، وعلى أنه لا إسلال ولا إغلال ، وأن بيننا وبينهم غيبة مكفوفة وأنه من أحبّ أن يدخل في عهد محمّد وعقده فعل ، وأن من أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل ...» (١).
ثم قال رسول الله : يا عليّ! إنك أبيت أن تمحو اسمي من النبوة فو الذي بعثني بالحق نبيا لنجيبنّ أبناءهم إلى مثلها وأنت مضيض مضطهد ، فلمّا كان يوم صفين ورضوا بالحكمين كتب : هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، فقال عمرو بن العاص : لو علمنا أنك أمير المؤمنين ما حاربناك ولكن اكتب : هذا ما اصطلح عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : صدق الله وصدق رسوله أخبرني رسول الله بذلك ...» (٢).
وبعد عقد الصلح أمر رسول الله أصحابه لينحروا ويحلقوا فامتنعوا وقالوا كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة ، فاغتمّ رسول الله من ذلك وشكا ذلك إلى أم سلمة ، فقالت : يا رسول الله انحر أنت واحلق ، فنحر رسول الله وحلق ..» (٣) ولما رأوا ذلك قاموا فنحروا وحلقوا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما (٤).
هذا حال عمر بن الخطّاب وأكثر الأصحاب ، فعمر شك في فعل النبيّ ، لذا لم يقتنع بما قاله له الرسول ، فأعاد سؤاله وتشكيكه على أبي بكر ، وهكذا فعل أكثر الأصحاب حيث كاد يقتل بعضهم بعضا غما مما فعل النبيّ.
__________________
(١) تفسير القمي ج ٢ / ٣١٩ سورة الفتح.
(٢) تفسير القمي ج ٢ / ٣٢٠ وبحار الأنوار ج ٢٠ / ٣٣٣.
(٣) تفسير القمي ج ٢ / ٣٢٠.
(٤) تفسير ابن كثير ج ٤ / ١٧٦ والكامل في التاريخ ج ٢ / ٢٠٥.