ورثته بعطاء أبيهم خمس سنين. وأجاب بأن عثمان كان مجتهدا ولم يكن من قصده حرمانه وإنّما التأخير إلى غادية أدبا ، أما مع حصول تلك الغاية أو دونها وصل به ورثته ولعله كان أنفع له.
وفي السيرة الحلبية (١) من جملة ما انتقم به على عثمان أنه حبس عبد الله بن مسعود وهجره ، وحبس عطاء أبيّ بن كعب ، وأشخص عبادة بن الصامت من الشام لما شكاه معاوية ، وضرب عمّار بن ياسر وكعب بن عبده ضربه عشرين سوطا ونفاه إلى بعض الجبال ، وقال لعبد الرحمن بن عوف : إنك منافق ...».
وابن مسعود الذي فعل به عثمان حوبا كبيرا ليس له مبرر هو من نزل بحقهم قوله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٢) وهو من ضمن الثمانية عشر رجلا ممن نزل فيهم قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٣).
وورد عن الإمام عليّ عليهالسلام مرفوعا قال :
«عبد الله يوم القيامة في الميزان أثقل من أحد».
وفي لفظ آخر : «والذي نفسي بيده لهما ـ يعني ساقي ابن مسعود ـ أثقل في الميزان من أحد» (٤).
وعن علقمة وعمر في حديث عن رسول الله قال : من سرّه أن يقرأ القرآن
__________________
(١) نفس المصدر ج ٢ / ٨٧.
(٢) سورة الأنعام : ٥٢ وراجع تفسير الطبري ، وتفسير القرطبي وابن كثير والدر المنثور والخازن والشربيني والشوكاني.
(٣) سورة آل عمران : ١٧٢ ولاحظ تفسير ابن كثير والخازن.
(٤) مستدرك الحاكم ج ٣ / ٣١٧ ، حلية الأولياء ج ١ / ١٢٧ ، الاستيعاب ج ١ / ٣٧١ ، تاريخ ابن كثير ج ٧ / ١٦٣ ، الإصابة ج ٢ / ٣٧٠.